أولى القرآن الکريم عناية کبرى بالجانب الاقتصادي في الحياة البشرية، وحسبک دليلا على ذلک تکرر تلک الألفاظ ذات الطابع الاقتصادي فيه، نحو الأموال، والکنوز، والملک، والرزق، والکسب، والابتغاء من فضل الله، والتجارة، والزراعة، والضرب في الأرض، والغنيمة، والفيء، والأنفال، والبيع، والشراء، والميراث، والقرض، والعقود، والزکاة، والصدقة، والإنفاق، والإطعام، والإعطاء، والإسراف، والتقتير، والبخل، والاستغناء، والربا، والبخس، والدَّين، والغنى، والفقر. کما جعله أحد الضرورات الخمس التي دارت تعاليم الشريعة الغراء على حفظها، وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع في ميدان الدراسات القرآنية إلا أنه لا يزال بکرا، لم يتناوله الباحثون المتخصصون في الدراسات القرآنية بالقدر الذي اعتنى به القرآن الکريم، فأردت -والله من وراء القصد- أن ألفت أنظار إخواني إلى هذا الميدان الثري، ليبرزوا عظمة القرآن الکريم ودقة تشريعاته في هذا الجانب. کما تزداد الحاجة للحديث عنه باعتبار أنه من أهم المعضلات التي تواجه تقدمنا الحضاري واستقرار مجتمعاتنا الإسلامية، فما نعانيه اليوم من مشکلات يرجع أغلبها إلى تلک المعضلة الاقتصادية، من حيث ضعف الإنتاج، أو سوء الاستهلاک، أو الظلم في توزيع الثروات، فأردت أن أبين أن السبيل الأنجح لحل ما نعانيه من أزمات هو التمسک بکتاب الله وسنة رسوله e. فتتبعت أسس  النظام الاقتصادي في القرآن الکريم، وما يستتبع تلک الأسس من آثار، إبرازا لعظمة الإسلام في تنظيمه للحياة، ثم تحدثت عن تحريم القرآن الکريم للبخس لما له من مضار على الحياة، تطبيقا لتلک الأسس. وقد طُرق هذا الموضوع؛ أعني: موضوع الاقتصاد الإسلامي بصفة عامة، في عدة مؤتمرات منها: المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بجدة- المملکة العربية السعودية، سنة: 1976م. کما قُدم فيه أيضاً العديد من الأبحاث، منها ما يلي: الاقتصاد الإسلامي في ضوء القرآن الکريم رسالة دکتوراه للباحث محمد على بيان آدم، کلية أصول الدين- جامعة الأزهر. المنهج الاقتصادي في التخطيط لنبي الله يوسف للدکتور نواف صالح الحليسي. آيات المال في القرآن الکريم دراسة تحليلية موضوعية، رسالة ماجستير للباحثة لولوة بنت عبد الله بن عبد العزيز القضيبي کلية الآداب -جامعة الإمام محمد بن سعود- الرياض. إلا أنني لم أجد بحثا عالج موضوع "أسس النظام الاقتصادي" معالجة قرآنية متخصصة.