مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وزد وبارک عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وبعد،،،،
فالمجتمع الإنساني قبل الإسلام کان بحاجة إلى منهج رباني، يُخرجه من ظلمات الکفر والشرک والجهل والظلم وکل الرذائل والأخلاق السيئة، إلى نور الإيمان والتوحيد والعلم والأخلاق الحسنة، والقيم الطيبة.
فأرسل الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا المنهج الرباني، ليُبلِغه للناس، ويقوم بتوصيل کل ما ورد في کتاب الله من عبادات وأحکام وأخلاق، بطريقة سهلة ميسورة، يفهمها المدعوون من أقرب طريق، لذلک نزل القرآن بلُغة القوم، وهي اللغة العربية، حتى يسهل فهمه، وما يحتويه من أنوار ربانية.
والله عز وجل في کتابه، عندما خاطب الناس، بتلک الأخلاق والقيم، استخدم فنونا متنوعة ومتعددة لتوصيل معاني القرآن الکريم إلى الناس، وهذا نوع من التشويق، والجمال، والتنويع، وحسن الأسلوب.
فتارة يُوصِل المعنى المراد إلى المخاطب عن طريق الألفاظ الصريحة، والتراکيب الواضحة، التي لا غموض فيها ولا التباس، وهو ما يُسمى بالتواصل اللفظي، وتارة يُوصِل المعنى إلى المخاطب عن طريق آخر غير الألفاظ والعبارات، وهي أعضاء الجسد، التي تُعطي معان کثيرة، وإشارات جميلة، وانطباعات عديدة، إلى ذهن وعقل المخاطب، وتُوصِل إليه المعنى دون التحدث بألفاظ کثيرة، أو بعبارات طويلة، وهو ما يُسمى بالتواصل غير اللفظي.
وقد اهتم القرآن اهتماما شديدا بهذا الجانب، وهو توصيل المعنى عن طريق أعضاء الجسد، فنجد القرآن يُوصل المعنى إلى المخاطب عن طريق الوجه، والعين، واللسان، واليد، والإشارة بها، والقلب، والأرجل، وکلها أعضاء لها دلالات ومعان کثيرة، تختلف باختلاف المواقف، والقرائن، والأحوال.
وهذا اللون من الخطاب، وهو استخدام أعضاء الجسد في توصيل المعنى، نوع من أنواع إعجاز القرآن، وبلاغته، وفصاحته، يُعطي للمعنى جمالا، وبريقا، إذ يُصور المعنى بصورة حسية متحرکة ، وکأنها مشاهدة أمام المخاطب، عن طريق أعضاء الجسد.
ولأهمية هذا الموضوع آثرتُ أن أکتب فيه، حتى أُبرز ما في القرآن من إعجاز، وجمال، وتفنن في توصيل المعاني إلى المخاطبين، بصورة حسية متحرکة، وبطرق متنوعة، وأساليب مختلفة، وقد قمت بتسمية هذا البحث: ( دلالة أعضاء الجسد في ضوء القرآن الکريم دراسة موضوعية ).
وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة، وتقديم، وثمانية مباحث، وخاتمة، وفهرس للمصادر والموضوعات.
فأما المقدمة فقد تحدثت فيها عن أهمية الموضوع، وأما التقديم: فقد قمت فيه بتعريف معنى الدلالة، والأعضاء، والجسد.
وأما الثمانية مباحث: فهي:
المبحث الأول: دلالة الوجه في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث الثاني: دلالة العين في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث الثالث: دلالة الرأس في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث الرابع: دلالة اللسان في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث الخامس: دلالة اليد في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث السادس: دلالة الأصابع في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث السابع: دلالة القلوب في ضوء القرآن الکريم .
والمبحث الثامن: دلالة الأرجل في ضوء القرآن الکريم.
وأما الخاتمة: فقد ذکرت فيها أهم النتائج والمقترحات التي توصلت إليها من خلال البحث.
ثم ذيلت البحث بفهرس للمراجع والمصادر، وآخر لموضوعات البحث.
************
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل