هدف البحث إلى تقديم رؤية نقدية لواقع التأصيل الفلسفي للقيم الأخلاقية من منظور الاتجاه الإنسانوي في الفکر الغربي المعاصر للتحقق من أمرين: الأول، مدى اتساق هذا الواقع مع مقتضيات التوجه العام المادي للإنسانويين، والثاني، مدى کفاية هذا الواقع لتأسيس مشهد تربوي أخلاقي مستقل عن الدين السماوي، واعتمد البحث على منهج التحليل الفلسفي لتقديم رؤية نقدية تعتمد الاستقراء الإقصائي لنبذ واستبعاد التفسيرات الواهية في القضية المعروضة للنقاش، وتوصلت الدراسة إلى أن حديث الإنسانويين عن الأخلاق يشکل مغالطة منطقية وسقطة منهجية کبرى لا تتسق أبداً مع لوازم التوجه المادي لهذا التيار، ومن جانب آخر فإن ما يقدمه الإنسانويون من أبعاد فلسفية لتأسيس مشهد أخلاقي ملحد، هذه الفلسفة لا تستوفي الکفاية النظرية اللازمة لتحقيق ذلک، فالإنسانويون يعلمون عجزهم عن التأصيل الفلسفي للمشهد الأخلاقي، لذا يعمدون إلى تجاهل البعد الأنطولوجي للأخلاق، حيث تدور کافة مناقشاتهم وتأطيراتهم حول البعد الإبستمولوجي فقط، وهذا الأخير ليس محل نزاع، حيث "يوجد ملحدون على أخلاق لکن لا يوجد إلحاد أخلاقي"، ومن هنا يتأکد أن الأخلاق لا يمکن تأصيلها أو المحاججة عنها في ظل إنکار وجود الإله؛ لأن هذا الإنکار له ما بعده، حيث يستدعي إنکار الأخلاق أيضاً، ومن يکابر في ذلک يقع في التناقض لا محالة.