الحمد لله الذي أکمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينا، وجعلنا من أمة خير البرية محمد r، أمة وسطا بين الأمم، وخير أمة أخرجت للناس.
ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريک له، أنزل دين الإسلام وارتضاه لعباده وجعل عقيدته أوفق العقائد للبشر وأهداها سبيلا وأقومها عقيلا.
ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الرحمة المهداة والنعمة المسداة الذي رسله ربه رحمة للعالمين، وحلاه بالرفق والحلم واللين، ووصاه بخفض الجناح للمؤمنين، فصلى الله وسلم وبارک عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد .. فإن الوسطية والاعتدال وتحقيق السلام والأمن من أخص خصائص العقيدة الإسلامية الصحيحة السليمة السوية النقية الخالية من البدع والانحرافات بأنواعها، وهي عقيدة أهل السنة والجماعة وهم السلف الصالح الذين هم خير القرون من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، المستمدة من النبعين الصافيين والمصدرين الصادقين کتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين r، ولا أدل على ذلک من قول الله جل وعلا: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِکَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾^([1])، وقوله I: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾^([2]).
وإن أکثر الجرائم والسلوکيات التي تهدد الأمن وتزعزعه إنما تنتج عن انحراف عقدي وخلل فکري يعاني منه أولئک العابثون بالأمن، الخارجون على النظم، الذين يعرضون أنفسهم ومجتمعاتهم لأخطار جمة، ويشيعون في نفوس الآمنين الخوف، ولذلک کان على رأس أولويات الدعوة الإسلامية منذ أن نهض بها الرسول r بعد نزول أولى آيات الوحي التي تأمره بها کقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ﴾^([3]) هو تقويم العقيدة، ومقاومة کل انحراف عن المعتقد السديد، تأسيسا لإقامة مجتمع إسلامي ينعم بالأمن والاستقرار على کافة المستويات.
وفي ظل هذا التمدد والتنامي لبعض الجماعات والحرکات الإرهابية المتطرفة التي تنسب نفسها إلى الأصولية الإسلامية وتنتهج التکفير والعنف والتفجير والذبح والحرق وتحريض المسلمين بعضهم على بعض بل وتحريض الأخ على أخيه والولد على أبيه بدعوى الجهاد دون أدنى معرفة ولا تطبيق لمبادئه وفقهه ومقاصده أقول في ظل هذا الواقع الصعب يجد کثير من أعداء الإسلام والحاقدين على المنهج السلفي القويم سواء من غير المسلمين أو من المنتسبين إلى الإسلام من ذوي الأهواء البدعية والميول التغريبية فرصة لمهاجمة الإسلام وأصوله العظيمة المتمثلة في القرآن العظيم والسنة المطهرة ومصادرها کالصحيحين، وعقيدته القويمة، وشريعته الغراء وفقهه المتمثل في اجتهادات علمائه الکبار کأصحاب المذاهب الأربعة وأئمة المدرسة السلفية کالإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم ومن حذا حذوهما من المتأخرين کالإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وتحميلهم مسئولية هذه الانحرافات الفکرية والمنهجية والسلوکية.
ومن ثم کان لابد من الرد على هذه الادعاءات الکاذبة والدعايات المغرضة التي تستهدف الصد عن السبيل ومحاربة الإسلام وعقيدته وإظهار الحق ودحض الباطل ببيان موقف العقيدة الإسلامية عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة من هذه الانحرافات وبراءتها من التسبب فيها وأن سبب هذه الانحرافات هو العدول عن منهجها القويم وصراطها المستقيم.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى ما يلي:
1-    بيان خصائص العقيدة السلفية وفضائلها.
2-    إثبات وسطية واعتدال العقيدة السلفية وبعدها عن الغلو والتطرف.
3-    تبرئة العقيدة السلفية من الجماعات الإرهابية التي تتبنى أعمال العنف بدعوى الجهاد وتنسب نفسها إليها.
4-    تبرئة العقيدة السلفية مما ادعاه في شأنها أعداء الإسلام من العنف والتطرف.
5-    تبرئة العقيدة السلفية مما ادعاه المبتدعة وأهل الأهواء من المسئولية عن فکر هذه الجماعات وإرهابهم.



([1]) سورة الأنعام، الآية: 82.


([2]) سورة النور، الآية: 55.


([3]) سورة المدثر، الآيتان: 1، 2.