الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا
محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد
فقد رأيت نفسي تتوق إلى البحث في موضوع طرفاه على النقيض في
العقيدة ، وهما المسلمون وغير المسلمين ، إلا أنهم يجمعهم شيء واحد وهو الإقامة في مکان واحد يسع الجميع يسمى دار الإسلام ، ويسمى في العصر الحاضر الوطن ، والجميع يدافعون عن حدوده ويبذلون الغالي والنفيس للحفاظ على حدوده من أي قوة تريد تقطيع أوصاله ، وتجزئته إلى أوطان صغيرة .
ولما کان الإسلام دائمًا وسيظل – بإذن الله – دين حياة للناس يحافظ عليها وعلى أسباب وجودها أيًا کان معتقد هؤلاء الناس ، وليس دين تدمير أو
قتل ، الأمر الذي جعل علماء الشريعة يجمعون على أن النفس البشرية حرمتها ثابته بيقين ، فلا تستباح الا بيقين ، وجعلوا الحفاظ عليها من الواجبات الکلية في الإسلام هي والدين والمال والعرض والعقل ، کما أن هناک معاملات يومية من بيع وإجارة ورهن وغير ذلک تجري بين المسلمين وغيرهم ، وقد يحدث جحود وإنکار لحق من الحقوق ، فيرفع الأمر إلى القضاء ، فيحتاج القاضي إلى أدلة لإثباته ، ولا شک أن الاثبات له أدلة يأتي في مقدمتها الاقرار ثم الشهادة في المرتبة الثانية ، وذکر الفقهاء شروطًا يجب توافرها في الشاهد حتى تکون شهادته مقبولة عند القاضي ، وأيضًا فإن هناک کثيرًا من الدول الإسلامية يوجد من بين مواطنيها غير مسلمين کمصرنا الغالية ، کما أن هناک دول بها أقلية مسلمة ، ففي هذا البحث أردت أن أبين حکم شهادة غير المسلمين عند فقهاء الشريعة وسميته "" حکم شهادة غير المسلمين أمام القضاء دراسة فقهية مقارنة "".
أهمية الموضوع
يعد موضوع شهادة غير المسلمين من الموضوعات المهمة في الفقه الإسلامي في کل العصور ، وخاصة العصر الحاضر ، نظرًا لتشابک المصالح وکثرة الأعمال التجارية والزراعية والصناعية بين المسلمين وغيرهم وکثرة الاعتداء على حقوق الآخرين وغير ذلک ، الأمر الذي يترتب عليه رفع النزاع إلى القضاء لحماية المصالح والحقوق ، وإيصال الحقوق إلى أصحابها ولا شک أن القاضي في سبيله إلى ذلک يحتاج إلى شهود ، وقد يکون هؤلاء الشهود من غير المسلمين ، وقد يکون النزاع بين غير المسلمين أو بين المسلمين وغير المسلمين ، وأيّاً ما کان الأمر فالحاجة ماسة إلى معرفة حکم شهادة غير المسلمين في الفقه الإسلامي.
منهج البحث
أولًا : قمت بجمع ما تيسر جمعه من مدونات فقهية من کتب التراث وبحوث علمية حديثة کتبت في هذا الموضوع ، ثم بدأت القراءة فيها لتکوين صورة ذهنية متکاملة عن الموضوع ؛ لأن الحکم على الشيء فرع عن تصوره .
ثانيًا : دراسة کل مسألة من مسائل البحث في جميع المذاهب الفقهية مع بيان المتفق عليه ، وذکر أدلة کل مذهب ومناقشتها والجواب عنها إن وجد ، وبيان المذهب الراجح ودليله .
ثالثًا : عزو الآيات القرآنية إلى سورها ووضعها بين
قوسين ، وبيان معناها من کتب التفسير .
رابعًا : تخريج الأحاديث التي وردت في البحث ، مع ذکر ما قاله العلماء فيها.
خامسًا : ذکر خاتمة بينت فيها أهم ما توصلت إليه خلال البحث .
سادسًا : قمت بکتابة قائمة ذکرت فيها أهم المراجع التي استعنت بها في کتابة البحث
سابعًا : فهرس الموضوعات .
خطة البحث
يشتمل البحث على مقدمة وخمسة مباحث .
مقدمة : وفيها کلمة تناسب الموضوع ، وأهمية الموضوع ، ومنهج البحث وخطة البحث .
المبحث الأول : تعريف القضاء وحکمه والدليل عليه
ويشتمل على أربعة مطالب :
المطلب الأول : تعريف القضاء في اللغة
المطلب الثاني : تعريف القضاء في الاصطلاح 
المطلب الثالث : حکم القيام بالقضاء
المطلب الرابع : الدليل على مشروعية القضاء
المبحث الثاني : تعريف الشهادة ومشروعيتها والدليل عليه
ويشتمل على ثلاثة مطالب
المطلب الأول : تعريف الشهادة لغة واصطلاحًا
المطلب الثاني : مشروعية الشهادة والدليل عليه
المطلب الثالث : حکم الشهادة
المبحث الثالث : المراد بغير المسلمين
ويشتمل على مطلبين
المطلب الأول : أهل الذمة
المطلب الثاني : المستأمنون
المبحث الرابع : حکم شهادة غير المسلمين على المسلمين في الوصية وغيرها في السفر والحضر
المبحث الخامس : حکم شهادة غير المسلمين على بعض
خاتمة : فيها أهم نتائج البحث
قائمة بأهم مراجع البحث
فهرس الموضوعات