لعب المثقف في العصور الإسلامية دوراً كبيراً في تعزيز شرعية الحاكم ورجال الدولة على اختلاف أنظمة الحكم الإسلامية. فكان للمثقف تأثير كبير على عامة الشعب، فهو من يوصل لهم سياسة الحاكم، ويبرر للدولة أفعالها من خلال شعره وكتاباته وإنتاجه الثقافي. وقد كان الشاعر والفقيه عمارة اليمني (ت٥٦٩هـ/ ١١٧٤م) أنموذجًا لموقف المثقف من السلطة الحاكمة، سواء كانت السلطة ممثلة بالنظام السياسي المختلف معه مذهبياً كالخلافة الفاطمية، أو متفقة معه مذهبياً كالسلطنة الأيوبية. وهدف البحث دراسة شخصية الشاعر والفقيه عمارة اليمني، وموقفه تجاه الأنظمة الحاكمة. كما تهدف الدراسة أيضاً إلى البحث عن سبب اختلاف مواقف الشاعر عمارة تجاه الأيوبيين، رغم اتفاقه معهم مذهبياً، وعلى العكس من موقفه المؤيد للخلافة الفاطمية مع اختلافه معهم مذهبياً. وتوصل البحث إلى عدد من النتائج، أهمها أن العلاقة بين المثقف والسلطة علاقة تبادل منافع لحاجة كلا الطرفين للآخر. كما بينت الدراسة مدى تأثير الشاعر عمارة اليمني في خدمة المشاريع السياسية للوزراء الفاطميين، غير أن العلاقة قد ساءت بينه وبين السلطنة الأيوبية الناشئة، وذلك لانتفاء المنفعة بين الطرفين. كما توصل الباحث إلى أن بعض جوانب البحث يمكن أن تعد بذرة جيدة للأبحاث المستقبلية بهدف توفير فهم واسع للعصرين الفاطمي والأيوبي.