بدأ المنهج اللساني الحديث عند العرب منهجا يفتقر إلى الاستقرار أول أمره؛ وذلك لأسباب منها: مصطلحات اللسانيات غير ثابتة، إذ لكل لغوي تعريف يتفق من جهة ويختلف من أخرى مع غيره، وحداثة العهد بالدرس، إذ«واجه اللغويون العرب مشكلة المصطلحات اللسانية منذ تصدوا لهذا العلم الحديث بالتلقي والتمثيل ومحاولة الانشاء والوضع» ولاسيما أنّ أهل المشرق قد بدأوا متأخرين فيه على أنّ المغاربة قطعوا فيه أشواطا بحكم قربهم من البلدان الأوربية، صاحبة المنهج اللساني، وسهولة اتصالهم بهم، فأخذوا عنهم اللسانيات النظرية، لتأتي بعد ذلك مرحلة تطبيق هذا الدرس، ثمكان لأهل المشرق من العرب دورهم الفاعل في تلك الدراسة على الرغم من تأخرهم فيها، فإننا نشهد اليوم انحسارا في دراسة المنهج التقليدي على أن هذا التقدم الحاصل في الدرس اللساني الحديث بدأ مرحلة جديدة من مراحله وهي التطبيق، فنصوص القرآن الكريم لم تكن بمنأى عما وصل اليه الدرس اللغوي الحديث فكانت هي أيضاً مضمارا للبحث والتطبيق.
وبحثنا هذا يمثل نظرة نقدية في كيفية تطبيق الدرس اللساني بمعاييره، وطريقة توظيف عناصر اللسانيات النصيةفي تحليل بعض نصوص القرآن الكريم، والإجابة عن سؤال: هل آتتهذه البحوث أُكلها على نحو مختلف عما أسسه الأقدمون؟ وما مدى صلاحية المنهج اللساني عند بعض الباحثين في تحليل النص القرآني؟ وقد اكتفيت بذكر عدد من الأمثلة في الاستدلال لكثرتها.