يسعى هذا البحث- عبر منهج تحليليّ استقرائيّ استقصائيّ- إلى الكشف عن المكانة التي حظيت بها مدينة القدس في أدب الرحّالة العرب القدماء، منذ القرن الخامس الهجريّ حتّى القرن العاشر الهجريّ، متخذاً من رحلة أبي بكر بن العربيّ (ت543هـ) أنموذجاً دالّاً؛ كونها أوّل رحلة دوّنها رحّالة عربيّ إلى القدس، وذلك عبر الإجابة عن السؤال المحوريّ: هل أولى الرحّالة العرب القدماء القدس عنايتهم واهتمامهم، بما يتناسب ومكانتها الدينيّة والتاريخيّة والحضاريّة؟
وقد أفاد البحث من العديد من المصادر والمراجع القديمة والحديثة، لا سيّما كتب الرحلات، وكتب فضائل بيت المقدس، وكتب النقد الأدبيّ، التي أولت عنايتها الرحلات وآدابها. ولعلّ الصعوبة الوحيدة التي واجهت الباحث هي ضياع النصّ الأصليّ لرحلة ابن العربيّ، وقد واجهها بالتنقيب والبحث والتعقّب لما بقي من نصوص هذه الرحلة في كتب ابن العربيّ الأخرى، وفي كتب غيره من الأدباء والمؤرّخين. وخلص البحث إلى أنّ الرحّالة العرب القدماء، قد أولوا القدس عنايتهم واهتمامهم، بما يتناسب ومكانتها الدينيّة والتاريخيّة والحضاريّة، لا سيما ابن العربيّ، الذي تميّزت رحلته باللفظ الدقيق، والعبارة الواضحة، والأسلوب المرن، والوصف الجميل.