شغل العصر الأمـوي حيزاً مميزاً ومتمايزاً في التاريخ الإسلامي، ولعبت دولته "دولة المائة عام" دوراً هاماً وبارزاً في خدمة الإسلام، وبناء المجتمع الإسلامي، لما قدمت من جهد کبير، وفضل واسع، إلا أنها– وعلى الرغم- مما قدمت لم تحظ إلا بالقليل من الاهتمام والإشادة من جانب الدراسات البحثية، بل تعرض البيت الأموي "الحاکم" وفترة حکمه المتميزة، للتجاهل والتشويه من جانب "البعض"من قدامى المؤرخين العرب، والمحدثين، والمستشرقين على حد سواء، مما کان دافعاً لي للبحث في موضوعات هذا العصر الحضارية، واختيار واحداً منها، في محاولة لرفع الظلم، وکشف الغموض الذي يکتنف هذه الفترة من تاريخ الأمويين، وتاريخ مصر الإسلامية بوجه خاص، وآثرت أن يکون الموضوع في الجانب الاقتصادي، وبالتحديد عن الخراج "ضريبة الأرض" أهم موارد بيت مال المسلمين في العصر الإسلامي، فقد أولى خلفاء البيت الأموي" وبخاصة "الفرع المرواني" عناية بالغة بالنظم الإدارية، وإعادة الهيکلة لها في داخل الدولة ، وزيادةً " منهم" في تماسک وحدة الدولة، کان سک العملة الإسلامية، وتعريب الدواوين في جميع أمصار الدولة الإسلامية على حد سواء، ومن بينها ديوان الخراج، حيث عملوا على تحسين طرق جبايته، وزيادة قيم عوائده، فعنوا بالأرض، وحرصوا على إختيار الولاة والعمال المتيزون في الأمصار المختلفة للقيام بهذه المهام على أفضل وجه.
هذا، وقد قدم ولاة مصر في العصر الأموي "المرواني" خاصة نماذج عدة لجباية الخراج، وزيادة عوائده، والتي تمايزت بين أسلوبين: العدل والعسف، وإن غلبت سياسة العدل في تطبيق جباية الخراج، في أغلب الأحيان، اتباعاً لسياسة الخلفاء الأمويين، الذين حرص– أغلبهم- على اتباع نهج الراشدي الثاني الفاروق عمر بن الخطاب(t) الذي سبق ووضع قانوناً صحيحاً عادلاً في جباية الخراج، وهو ما سوف نعرض له من خلال هذه الورقة البحثية، مع عرض لنهج ولاة مصر زمن الأمويين، وأسبابه، وما ترتب عليه من نتائج مؤثرة، وکيف نجحوا فيه بالعدل أم بالعسف؟.