لقد رکزت الفلسفة الفرنسية على الجانب العقلي من الإنسان واعطته قيمة عليا وکادت تؤلهه، ويعتبر فولتير هو فيلسوف التنوير العقلاني الفرنسي بلا منازع، ويرى فولتير أن الإنسان لا يعرف شيئا عن هذا العالم إلا عن طريق التجربة، وأن الإنسان لن يجد أجوبة عن أسئلته الميتافيزيقية عند الفلاسفة الميتافيزيقيين ولا عند رجال الدين بل يجدها في العمل والفکر العقلاني، وفي الجانب الاجتماعي يرى فولتير أن الفطرة الإنسانية مجبولة على الاجتماع؛ لذلک يرفض رأي روسو في إنسان الطبيعة، وقد حاول فولتير رد الاعتبار للإنسان الحسي والشهواني، وأکد ضرورة توفير حاجاته وملذاته، محتجا على أخلاق الکنيسة التي تسعى الى التقليل من قيمة الجسد على اعتباره أصل الغواية والخطيئة، فالإنسان خُلق ليتسلى حسب فولتير، أما فيما يخص الحقوق الطبيعية للإنسان فتتمثل بحق الحرية، حرية الفکر والمعتقد والتصرف، وحق الملکية الخاصة، وأن هذه الحقوق يجب أن تکون مصانة بقوانين واضحة لا لبس فيها، ورکز فولتير على مسألة التسامح الديني ويرى أن التسامح لا يأتي من الدين ولا من خلال فرض قوانين صارمة، وإنما الحل الأمثل للتخلص منه هو نشر الفکر الفلسفي العقلاني بين الناس، ليصلوا الى قناعة، أن لا يمکن أن يتفق جميع الناس على دين أو مذهب واحد لذلک عليهم الإقرار بالاختلاف، وفولتير هاجم الأديان واعتبرها سببا في تعاسة الإنسان، إلا أنه لم يکن ملحدا فکان يؤمن بوجود الله وقد قدم أدلة على وجوده، وإذا کان روسو تحدث عن دين الفطرة فأن فولتير تحدث عن الدين الطبيعي، ومع ذلک لم يلصق الإلحاد بفيلسوف مثلما ألصق بفولتير، لقد کان لفولتير وديدرو وروسو وغيرهم من فلاسفة التنوير الفرنسي دورا بارزا ومؤثرا في قيام الثورة الفرنسية.