يتناول البحث الانحراف الأسلوبي، وبيان العلاقة بين الشاعر واللغة الشعرية من جهة وبين النحوي صاحب القواعد الجامدة من ناحية أخرى. فالشاعر يرى أنه فوق القواعد وعلى النحوي تأويل ما يقول وهذه النظرة فرقت بينهما وظل الأمر کذلک إلى أن صرح الأخفش بأن الشاعر يجوز له في الشعر ما لا يجوز لغيره. فالاعتراف بأن للشاعر لغته الخاصة أعطت رخصة للشاعر أن يفعل ما لا يفعله غيره سواء في الشعر أو کلامه ثم يأتي ابن جني ليقرر أن الشاعر قد يرتکب الضرورة مع قدرته على ترکها.
فالضرورة الشعرية لم تعد قاصرة على شاعر أخطأ أو ارتکب شذوذا بل أصبح يرى على أنه وارد حرب ضروس،وذکر النحاة هذه الضرائر بمؤلفاتهم وکثرت المصطلحات المتعلقة بالخروج عن المألوف اللغوي فقالوا قديما شاذ ونادر وفي العصر الحديث هناک عدة مصطلحات منها العدول أو الأسلوب العدولي کما ذکر الدکتور تمام حسان وقالوا عوارض الترکيب و الانزياح إلى أن ظهر مصطلح الانحراف الأسلوبي وهو خروج عن نظام اللغة المألوف الذي أقره النحاة وهذا الخروج له سند مسموع من قراءة أو حديث أو لهجة من لهجات العرب وهو خروج يدل على قوة طبع هذا الشاعر.
ويتخذ البحث من شعر بشار بن برد في ديوانه مثالا لدراسة الانحراف الأسلوبي لانحراف النحاة عن الاستشهاد بشعره، وبشار أول المحدثين وآخر المتقدمين.
واقتصرت على ماورد في شعر بشار على ظاهرة الانحراف الأسلوبي بالزيادة أو النقص حرکة وحرف وکلمة. ولم استقصي کل شواهد الانحراف؛ أي تسليط الضوء على الظاهرة أکثر من ذکر عدد الشواهد التي حدث فيها انحراف الأسلوب. وفي الختام خرجنا من الدراسة بأهم الملاحظات التي أجملتها بنقاط معينة.