في کل أطواره، مارس الإنسان دوراً فاعلاً في تحريک الکون ما حوله باجاه صنع عالم متماسک من القيم النبيلة، وعلى اعترافنا بأن هذه المسيرة حفتها منحدرات غاية في التدني، کان نتيجتها إن فقد الناس جزءاً من کينونتهم حين حکمّوا التشدد الأعمى معياراً لکل سلوک، والتشدد في أغلب فعالياته يستلزم أن يتخلى المتشدد عن اتزانه، ويجنح بعيداً عن الاعتدال، فالتحديد وهو آلية ضمنية لعملية التشدد، سيعني السکون، والتقوقع کما يرى هيجل، فإنه بحساب الحالة المرکبة لمعنوية التشدد، فإن فيه إلغاء للآخر، وعدم السماح له بفعله الإنساني المعتاد، ولو أنصفنا تحليل الوعي البشري سنشخص قصوراً (تعاملياً) مع المرأة ولاسيما المرأة العراقية التي ما فتأت (مجتمعياً) تعاني وهي تلم شتاتها الفکري والسلوکي لتقف على ناصية التساوي والتوازي مع الرجل، لکنها محاولات ستبوء بالفشل عطفاً على سيطرة الذهنية النافذة للرجل الشرقي (المدني) فما بالک بالرجل المسلح الذي يعرف إن المرأة کيان ضعيف، وبالتالي ستکون وسيلة لا غاية، ممر مناسب يلقي في نوازعه المستبدة. والتشيؤ الذي سيکون عماد دراستنا، له ابعاد فلسفية مائزة ناهيک عن إسقاطاته الأدبية التي تشتغل حسب مفهومه العام على تحويل الإنسان عموماً، والمرأة بشکل خاص الى أشياء لا قيمة لها، وسنقف على أعمال روائية مهمة (زمنياً) لأنها تشکل وثيقة صالحة لمحاکمة سلطة الجمع المتشدد، والمنغلق (دينياً- فکرياً- سلوکياً)، وکيفية کان ينظر للنساء، في بيئة کانت قبل فترة الاجتياح الداعشي أکثر ما تکون إنفتاحاً وثقافة، في هذا الإطار اخترنا اربع روايات: الکافرة لعلي بدر 2015، شتات نينوى لغادة صديق رسول 2016، عذراء سنجار لوارد بدر السالم 2016، شظايا فيروز لنوزت شمدين 2017، وبدورنا سنأخذ في منهجية التشيؤ وعملياتها النفسية والسلوکية ضمناً في الفعل الروائي المتکون من مکان وشخوص وأحداث عن طريق تحليل النصوص التي تحمل تداعيات عنيفة خلفتها النظرة الأحادية للنساء. وعلى ذلک قسمنا بحثنا الى تمهيد: في التشيؤ فلسفة ونقداً، ثم الى مبحثين: الأول: الانتهاک الجسدي ومدياته المادية، والآخر في الانتهاک النفسي وتأثيره العميق في وجدان المرأة..