الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه ، وعلى آله وأصحابه، وبعد:
لقد وصف سبحانه کتابه في قوله تعالى: ﭽ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭼ ([i])، وذلک يعني أن القرآن جاء عربياً في مفرداته وتراکيبه وأساليبه، فلم يخرج عن المعهود في لغة العرب، ولکنه أعجزهم بأسلوبه وأفحمهم بحجته، وسحرهم ببلاغته، وتحداهم بأن يأتوا بمثله فقال: ﭽ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭼ([ii]).
فإن الجمل العربية تخرج أحياناً عن الأصل لدى النحاة وهذا الخروج لا يعد تقويضاً لقوانين العربية، إنما يأتي لأغراض يقصدها المتکلم، وهذا ما يسمى بالعدول عن الأصل، والذي يتمثل في ظواهر کثيرة ومنها: ظاهرة المطابقة في عارض التذکير والتأنيث؛ والتي تندرج جميعاً تحت عنوان " عوارض الترکيب "، وإن " عوارض الترکيب " تطالعنا کثيراً في اللغة العربية، وهو موضوع مشوق، وثري، يعرفنا على أسباب خروج الجملة العربية عن نسقها، وترکيبها المتعارف عليه، والدلالة التي تدل عليها، ومدى استعمال القرآن الکريم لهذه الأساليب، والدلالة التي تکمن وراءها، والوقوف على مواطن الجمال والإبداع فيها.
وقد تحدثنا عن عارض المطابقة في نوع (التذکير والتأنيث). ثم ختمنا البحث بخاتمة بينّا فيها أهم ما توصلت إليه، ثم ذکرنا ثبتا للمصادر. أما المنهج الذي اعتمدناه في کتابة هذا البحث فکان منهجاً وصفياً تطبيقياً لرصد عوارض الترکيب في التذکير والتأنيث في سورة الأعراف، وبما تناولته کتب النحو، والتعليق عليها وتحليلها، وذکر تأويلات العلماء لهذه الشواهد، واختلافهم من کتب النحو والتفسير. وأهمية هذه البحث تکمن في کونها تطلعنا على دراسة من الدراسات اللغوية الهامة، فهو موضوع يتعلق بترکيب الجملة العربية، وما يعرض لهذه الجملة بحيث يجعلها تخرج عن الأصل في ترکيبها ودلالتها سواء أکانت جملة اسمية أم فعلية، والتعرف.
وختاماً فان التوفيق من الله تعالى، فله الحمد والثناء أولاً وأخيراً.
([i]) فصلت: 3.
([ii]) الاسراء: 88.