يُعدُّ موضوع الرقِّ وتجارته في الخليج العربي بشکل عام، والکويت بشکل خاص، من المواضيع التى لم تحظَ بقدر کبير من الدراسة والتحليل، لفهم تاريخنا الحديث والمعاصر، على الرغم من أهمية الموضوع وقيمته العلمية. ويبدو أن أحد أسباب عدم الخوض في هذا الموضوع هو حساسيته الاجتماعية والسياسية لسکان المنطقة، وکذلک عدم الرغبة في إثارة إشکاليات تتعلَّق ببيع وشراء الأرقاء، وبيان أدوار قوى اقتصادية واجتماعية وسياسية في هذه التجارة المربحة والمهمّة والحسّاسة. والمتتبع لتاريخ الخليج العربي - وبالذات التاريخ الحديث - لا يستطيع أن يتجاهل بيع وشراء الأرقاء واستعبادهم واستغلالهم في المنطقة، سواء من قِبل قوى محليّة أو أجنبيّة کانت ترغب في استخدام الرق وتجارته کورقة رابحة لفرض الهيمنة والنفوذ، کما وتکمن أهمية مثل هذا الموضوع في کونه جزءأً من تاريخ المجتمع الخليجي، ولهذا فإن دراسته وتحليله وإلقاء الضوء عليه سوف يترتّب عليه فهم طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الکويت في الفترة الزمنية المحدَّدة لهذه الدراسة.
والدراسة التى نحن بصددها تسلِّط الضوء على تاريخ الرقِّ في المنطقة بشکل عام، والکويت بشکل خاص، وتُغطِّي الدراسة الفترة الزمنية عن الکويت من عام 1896م إلى 1921م، وهي بداية حکم الشيخ مبارک صباح الصباح وتوليه مقاليد الحکم في الکويت(1896-1915)، وحتى تولِّي الشيخ أحمد الجابر الصباح (1921-1950م) دفّة الأمور في الکويت، وتکمن أهمية هذه الفترة الزمنية في أنها تسلِّط الضوء على فترة کانت تُعتبر من أهم فترات تاريخ الکويت الحديث والمعاصر، والتي کانت تُعتبر بمثابة انطلاقة لتطور وترسيخ وضع الکويت على المستوى السياسي والاقتصادي وتميزها.
وشهدت الفترة موضوع الدراسة نمو وتطور علاقات الکويت بالحکومة البريطانية، وتوقيع اتفاقية 1899م، وما ترتب عليها من تعزيز وتطوير مکانة الکويت سياسياً، وما صاحب الفترة من نمو اقتصادي، ووصول تجار الکويت وسفنها إلى مناطق في شرق إفريقيا والهند، بالإضافة إلى الدول المجاورة.
کما تُسلِّط الدراسة الضوء على الرق في الکويت، والأماکن التي جُلِب منها الأرقّاء (العبيد)، وکيفية الحصول عليهم ونقلهم، وجنسهم (ذکوراً أم إناثاً) والأعمال التي مارسوها، سواء الأعمال المنزلية أو الحرّة، کما أننا سوف نرکّز على نماذج مختارة من العبيد ونسلِّط الضوء من خلالهم على ما کان يُـمارس في تلک الفترة من رقٍّ واسترقاق، موضحين أيضاً علاقة الأرقاء بالدول التى قدموا منها وبدول الجوار، کما سنبيّن أهمية اختلاطهم واندماجهم في المجتمع، وما ترتب على هذا من نتائج ساهمت في جعلهم جزءاً من النسيج الاجتماعي، وسوف تعتمد الدراسة على الکتابات المحلية، والمقابلات التي أُجريت لشخصيات من رجال الکويت ممن سُجِّلت ووُثِّقت شهاداتهم من قِبل مؤرّخ الکويت سيف مرزوق الشملان وغيره، والوثائق البريطانية ذات الصلة بموضوع الرق في الکويت والمحفوظة بمکتبة قطر الوطنية.