تمثل معايير الحکم على الاستعمال اللغوي رکيزة أساسية في مصنفات النحاة الأوائل بدءا من سيبويه وحتى أبي علي الفارسي تقريباً، إذ کان الحکم على الاستعمال اللغوي بمعيار الجودة أو الرداءة أمراً شائعاً عند هؤلاء النحاة، انطلاقاً من کونهم يضعون القواعد اللغوية، ويصنفون الاستعمالات المسموعة عن العرب وفقاً لما يرونه متناسباً مع قواعدهم اللغوية التي وضعوها، ووفقاً لما اطرد من الاستعمال اللغوي في اللسان العربي. ويمثل سيبويه الخطوة الأولى في التصنيف النحوي العربي، إذ لم يصلنا کتاب نحوي صُنِّف قبل کتاب سيبويه، ومن هنا فإن دراسة معايير الحکم على الاستعمال اللغوي عنده تعد وسيلة لفهم سائر المعايير التي يستعملها سواه من النحاة الذين جاؤوا من بعده. ويرکز هذا البحث الحديث عن معايير الحکم على الاستعمال اللغوي عند سيبويه، انطلاقاً من أهمية هذا الموضوع بالنسبة للتأصيل النحوي، وقيمة الحديث عن هذه المعايير بالنسبة لفهم طبيعة تفکير نحاتنا الأوائل بدءاً من سيبويه. وقد انقسم البحث إلى تمهيد ومبحثين، المبحث الأول: ويتحدث عن المعايير المفردة عند سيبويه، والمبحث الثاني: يتحدث عن المعايير المقترنة عند سيبويه.