سعت الدراسة الراهنة للبحث في أهمية دراسة وتحليل واقع ومستقل الأحزاب السياسية الجديدة ومسار تطورها، حيث صاغت نموذجا جديدا للخريطة الحزبية، ثم توظيف المال السياسي بکثافة في العمل الحزبي، وتصارعت فواعل ومصالح متضاربة لامتلاک القدرة على صياغة القرار السياسي مستقبلا، وقوض ثالوث المال السياسي والأحزاب والإعلام فرصة بناء نظام حزبي ديمقراطي، يستحقه بجدارة شعب قام بثورتين، متخلصا من الاستبداد السياسي والهوس الديني.
ووفقا لهذا الفهم، تستهدف الدراسة محاولة الکشف عن تأثير عملية توظيف المال السياسي على واقع الأحزاب السياسية الجديدة ومسار تطورها في إطار تحليل معوقات تطوير تلک الأحزاب، إضافة إلى مستقبل الآداء الحزبي في سياق صراع القوى والمصالح والفواعل الجديدة في مرحلة التحول السياسي بعد ثورة يناير وثقافة سياسية تقليدية، ساهم في تأزمها أبعادا إقليمية ودولية.
وقد اعتمدت هذه الدراسة على المدخل التحليلي المستند إلى دراسة حالات معمقة طبقت على ثلاث وعشرين من قيادات الأحزاب مجتمع البحث والمرشحين على قوائهم وأجريت بشکل معمق وفي جلسات متعددة، وتضمنت تلک العينة عدد 5 رئيس حزب، عدد 2 أمين عام للحزب، عدد 2 أمين تنظيم، عدد 2 أمين صندوق، وعدد 12 مرشح على قوائم الحزبين، بمحافظة القاهرة.
کان من بين أهم النتائج التي تم التوصل إليها لقد أظهرت الدراسة الحالية وجود توافق بين المهتمين والمنظرين بالنظام السياسي المصري حول وجود خلل في بنى ووظيفة الأحزاب السياسية دون استثناء قبل ثورة يناير، مما أسس تحديا جوهريا لتطوير النظام الحزبي، وکان سببا في تحول تنظيم المطالبات نحو الحرکات الإجتماعية الاحتجاجية، تلک التي أودت بالنظام وأحدثت زلزال التحولات السياسية التي شهدتها مصر. وجاء الانهيار السياسي کنتيجة لعدم اهتمام النظام ببناء مؤسسات سياسية فاعلة وقد جاءت تلک النتائج متوافقة مع رؤية " هنتنجتون " النظرية، حيث يذهب إلى أن الانهيار السياسي نتيجة حتمية لأي تحديث دون بناء مناسب ومتزامن للمؤسسات السياسية، لأن التحديث يطلق العنان لقوى اجتماعية وسياسية لاتستطيع المؤسسات التقليدية حجزها أو السيطرة عليها ومن ثم لايمکن تجنب الانهيار السياسي.