تمتاز رواية (الخيانة) لسيسيل فايزبرو بأنها تحمل فى طياتها تناقض ملحوظ على مستوى الشکل والمضمون، ومراد ذلک هو أن الرواية تعمد إلى توجيه القارىء إيديولوجياً من أجل دفعه إلى تبنى الرؤية النصية المفسرة للتاريخ. إذ أنه من الناحية الشکلية، فإن العمل الأدبى محل الذکر يُبرز أصواتاً تتناقض فى مضامين خطابها الإيديولوجى، وهو ما يجعل القارىء يتعلق بالصوت الأکثر مصداقية داخل النص، وهو السارد. وفى هذا الصدد، فإن الصوت السردى يخرج عن إطاره المألوف کناقل محايد للأحداث التى يرويها، فالهدف الرئيس هو إبراز أحداث بعينها وغض الطرف عن وقائع تاريخية أخرى لا تحتل ذات الأهمية من وجهة النظر السردية. وهذا التحيز النصى لا يخلو من تأثير مباشر على القارىء. أما على مستوى المعنى، فإن النص داخل الرواية يقوم بالأساس على تسليط الضوء على ذاکرة الهولوکست وتجسدها فى دواخل من نجوا من أحداث النازى. وفى هذا الإطار يتخذ النص من فترة الاحتلال الألمانى لفرنسا رکيزة أساسية من خلال إبراز معاداة السامية وعنصرية المواطنين الفرنسين نحو جيرانهم اليهود فى تلک الحقبة. ولا يغفل النص عن تجسيد المعاناة التى تشعر بها الأجيال اللاحقة للهولوکوست فى الوقت الحاضر، ويرجع ذلک إلى فقدان فرنسا لقيمها الجمهورية – من وجهة نظر الصوت السردى والإيديولوجيا التى تتبناها شخوص الرواية - وهو ما ينعکس بدوره على المنظومة القيمية فى الماضى والحاضر على حد سواء. وفى ضوء هذا الطرح يتبنى البحث کإطار منهجى نظرية التأثير القيمى لفانسنت جوف، محاولاً أن يجد إجابة على عدد من التساؤلات : ما هى الوسائل النصية التى يلجأ إليها النص من أجل التأثير على المنظومة القيمية للقارىء، بل ودفعه إلى تبنى سلسلة القيم التى يطرحها النص ؟ ما هى طبيعة الرسالة الإيديولوجية التى يقدمها النص للقارىء من خلال التحيزات النصية، وهل لذلک ثمة علاقة مع فکر الکاتبة نفسها، خاصة أنها من أصول يهودية-  بولندية ؟ هل نحن إزاء کاتبة صهيونية الفکر أم أن إيديولوجيا النص لها أبعاد موضوعية ؟