تهدف هذه الدراسة الثقافية البينية المقارنة إلى تتبع ظاهرة المحاکاة الأدبية للفن في مختارات من أعمال الروائية الانجليزية أنتونيا سوزان بايات والروائية المصرية رضوى عاشور، ولما کان تعريف ظاهرة المحاکاة الأدبية للفن (‘Ekphrasis') يشير إلى أنها "تقنية الوصف الحي والدقيق لتفاصيل مشهد أو عمل فني ما يعتمد الکاتب على وصفها لإبراز قيم فنية وثقافية معينة ترتبط ارتباطا وثيقا بما يصف" (دي آرميس 12-3). تتضمن الدراسة تقصي حالات المحاکاة الأدبية للظواهر الفنية المختلفة من أعمال فنية شهيرة، وأبنية معمارية تاريخية معروفة، وأعمال فنية مندثرة وأماکن تاريخية لم تعد موجودة. تعنى الدراسة بتسليط الضوء على القيم الثقافية والتاريخية المختلفة التي ترسخها هذه الظاهرة في أعمال کلتا الکاتبتين وأهداف کلٍ منهما وذلک من خلال الإفادة من نظريات الدراسات الثقافية المقارنة التي يسمح انفتاحها النظري باستکشاف أدوات التعبير ومستويات المحاکا المختلفة التي تتخلل ظاهرة المحاکاة الأدبية للفن. تأتي أهمية هذا البحث من دراسته لظاهرة أدبية تؤدي أکثر من دور في وقت واحد؛ فالمحاکاة الأدبية للفن تفي بغرض إمتاع القارئ وإثراء خياله إضافة إلى إثرائها الفني للنص الأدبي، وهي إلى جانب هذا کله قادرة بذاتها على التوثيق لحضور بعض الأعمال الفنية في أماکن بعينها، وقادرة أيضا على استحضار ملامح فنية مطموسة أو غائبة أو مُنَحّاة جانبا بفعل الزمن أو الظروف الثقافية أو السياسية، وهو ما يؤکد على أحد أدوار الأدب بصفته سجلًا إنسانيًا يحفظ الآثار التاريخية والفنية المهمة ويمررها للأجيال المتعاقبة. تتعدد جوانب ظاهرة المحاکاة الأدبية للفن کما تتباين في أنواعها ومستوياتها، وفي هذا الإطار يهدف البحث إلى دراسة طرق وأساليب محاکاة النصوص الأدبية للفن بمجالاته المختلفة، وتسليط الضوء على الجوانب المتعددة لظاهرة المحاکاة الأدبية فضلا عن أنواعها ومستوياتها المختلفة، مع الاهتمام بدراسة القيمة الإنسانية والثقافية لهذه النصوص والکشف عن القيمة التاريخية التي تمثلها هذه الظاهرة وعن دورها في تحويل النص الأدبي لوثيقة تاريخية تحفظ مفردات إنسانية وتاريخية مهمة.