يتناول هذا البحث واحدة من أهم المعالجات الأفريقية المعاصرة لمسرحية "أنتيجونى" لکاتبها سوفوکليس, وهى مسرحية "اختيار أودلى"Odale's choice للکاتب الأفرو-کاريبى کامو براثويت Kamau Brathwaite, والتى ألفها أثناء إقامته فى غانا فى الفترة بين 1955-1962, وقد کانت السنوات التى أقام فيها براثويت فى غانا سنوات حاسمه بالنسبة للساحة السياسية فى البلاد؛ فقد کان الطريق إلى الاستقلال طويلاً ومضطرباً (Gocking,2005:81), وقد کان هذا السياق مدفوعاً بالحراک السياسى والاجتماعى, مما دفع الکاتب على تقديم إعادة صياغة لنص "أنتيجونى" المعتمد, وأحاول فى هذا البحث الکشف عن أنماط الخصوصية الثقافية الأفريقية التى تعرضها هذه المسرحية المعدَّلة, کما أبحث فى استراتيجيات توطين هذه الکلاسيکية الغربية فى غرب افريقيا من خلال الانتقال من السياق السياسى والتاريخى والاجتماعى للنص الکلاسيکى إلى سياق مغاير عن السياق المعتمد لأثينا الديمقراطية فى القرن الخامس قبل الميلاد, وأعتمد فى هذا البحث على استراتيجيات التحليل الثقافى من خلال رصد عناصر الخصوصية الثقافية والمحلية فى النص من لغة وکرنفال ورقص وتمکين للمرأة وغيرها من أدوات لمقاومة الهيمنة الإمبريالية. وقد توصلت من خلال هذا البحث إلى وجود ارتباط وثيق الصلة بين النص المعالج وسياقه التاريخى والسياسى والثقافى الذى أنتج خلاله, ووجود علاقة تشابکية بين النص المعالج ونص "أنتيجونى" المعتمد لسوفوکليس حاول الکاتب خلالها قلب أوضاع السلطة وبنيات القوى الفاعلة فى النص المعتمد, وفى إرشادات مسرحية طفيفة استکشفت من خلالها على أثر التجسيدات التقليدية الأفريقية فى هدم قدسية الموروث الثقافى للنص المعتمد, کما کان للغة البيدجن المحلية أثرها فى هدم معيارية اللغة الإنجليزية الاستعمارية والإشتباک مع مرکزيتها, وکانت جيمعاً أدوات وعناصر ثقافية مابعد کولونيالية استطاع الکاتب من خلالها تقديم سبل للمقاومة الاستعمارية فى افريقيا بتوطين هذه المأساة الغربية فى سياق ثقافى مغاير عن الأصل المعتمد.