تناول البحث المرجعية الثقافية لمقدمات القصائد العربية التقليدية من خلال الوقوف على آراء النقاد القدامى والمحدثين، وفي ضوء السياق الثقافي المنتج لها، بما يتضمنه من أنساق ثقافية تضمنتها مقدمات القصائد، ولتحقيق تلک الغاية استعان الباحث بمنهج القراءة الثقافية النقدية، للوقوف على المرجعية الثقافية لمقدمات القصائد، والسعي نحو تقديم تفسير تندرج تحته هذه المقدمات على تنوعها، وقد توصل الباحث إلى عدة نتائج وتوصيات مفادها:
ــ تنوعت المقدمات من حيث أنساقها بحسب التجربة الآنية التي يمر بها الشاعر، وبحسب اختياره للصورة الملائمة لهذا الفقد، ويعد (نسق المرأة) هو النسق الرئيس والمرکز الذي تدور حوله واقعة الفقد وينبثق عنه العديد من الأنساق الأخرى والتي تتفاوت في درجة قربها أو بعدها منه.
ــ لحق تطور بنسق المرأة؛ فأصبح لا يحمل أصل تجربة (الإحساس بالفقد للمحبوبة) فحسب، وإنما تعدى ليصبح رمزا وعنوانا لهذا (الفقد) في صورته العامة، حيث يشمل حينها فقد المرأة على الحقيقة ـــ بوصفها نسقًا ظاهرًا ــــ کما يمثل رمزًا لعموم الفقد، ويتحول النسق حينها من نسق ظاهر يجسد حقيقة التجربة، إلى نسق مضمرٍ يحمل أيضًا آلام الشاعر وآماله التي لا تتوقف عند فقد المرأة فحسب ـ کما في النسق الظاهر ـ بل تتجاوزها إلى کل تجربة من شأنها أن تشغل حيزًا من أفکاره، ويرى فيها تحقيقًا لذاته.