تکتسب هذه الدراسة أهميتها من کونها تناولت أديباً ومفکراً فلسطينياً، لم ينل حظاً وافراً من الدراسات النقدية والتحليلية، وقمت بدراسة رواياته معتمداً في ذلک على منهج النقد الثقافي، فالنص الأدبي قبل أن يکون قيمة جمالية، هو أيضاً علامة ثقافية، لذلک تم اختيار الکاتب غسان کنفاني، حيث يظهر بوضوح في رواياته مدى صلتها بالثقافة، وکيف استمدت هذه الروايات معظم أبنيتها السردية والدلالية من تلک الثقافة، وقد أثرنا في هذه الدراسة استخدام القراءة الثقافية التي تحلل الظواهر لردها إلى مرجعها الثقافي.
وتشتمل الدراسة على حياة الکاتب وثقافته وأعماله الأدبية، ثم المکونات الموضوعية في روايات غسان کنفاني-قراءة ثقافية، على ثلاثة محاور رئيسية، أولا: قضية الالتزام عند الکاتب ومدى التزامه بقضيته ووطنه، ثانياً: حضور الأرض والوطن ومفردات الطبيعة، ثالثاً: صورة المرأة في الأسرة الفلسطينية، وقد توصلت الدراسة إلى ما يلي:
1. يعتبر الکاتب من الأدباء الملتزمين بالأدب الثوري الذي يعبر عن قضايا شعبة وهمومه، حيث مزج تجربته الخاصة بالتجربة العامة للمجتمع الفلسطيني والعربي.
2. انطلق الکاتب من خصوصية تجربة الإنسان الفلسطيني بالتزامه للتعبير عنها إلى العالمية، حيث جعل من المعاناة الخاصة معاناة إنسانيه شاملة، تمس کل إنسان وتنفذ ببساطة إلى ضميره، وقد ترجمت بعض رواياته إلى اللغات الأجنبية.
3. صور لنا الکاتب التوحد والتلاحم بين الإنسان والأرض في أبهى صوره، وحول الأرض والصحراء إلى کائن بشري يحمل أحاسيساً ومشاعراً تقاتل مع الإنسان جنباً إلى جنب.
4. نلاحظ النظرة التقدمية للمرأة عند الکاتب، فالمرأة عنده متطورة ومشارکة في النضال الفلسطيني، حيث دفعت بأبنائها وزوجها إلى ساحة المعرکة، فدور المرأة الفلسطينية عنده في الطليعة والمقدمة.