يعدّ المکان في مسرح الشارع أحد العناصر الأساسية والمهمة في بناء، واکتمال منظومة العرض المسرحي في الساحات والفضاء المفتوح، وذلک لما له من دلالات ومضامين تکتنز في مساحته وبيئته وشکله وطبيعته، فضلاً عن تمازجه مع العناصر الفنية الأخرى. المکان في مسرح الشارع يوضح الطابع الدرامي، وفکرة الفعل الذي يستند إليه العرض المسرحي، إضافة إلى وجود الشخصية وأبعادها الجمالية، والدرامية المتمثلة بالمباشرة والارتجال، ناهيک عن علامة المکان الاجتماعية الواقعية، المرتبطة بمضامين العرض وفکرته الأساسية، عبر الأداء الحرکي الملتصق بالصفة التمثيلية التي من الممکن أن تستوعب الکيفيات کلها، والقيم الفکرية التي يمکن أن تحتويها جميع المقومات الجمالية بالدرجة الأساس، وتجعل من الإدراک الجمالي فعلاً يحمل قيمة في ذاته لتصل بشکل مقصود إلى الجمهور، وبشکل مغاير لمعالجة الکثير من الإشکاليات. واستحضار الکثير من التجارب عبر تشکيل المکان الجمالي لوضع بصمته التي ترسم، وتنتج أبعاداً متجددة عن طريق الکشف عبر المنظور الجمالي، والطاقات الإبداعية من أجل تحقيق الاتصال بين الجمهور وفکرة المسرحية.
هدف البحث إلى: بيان المساحة التي تشتغل على خلق قيم ومفاهيم ترتقي بالمشکلة إلى معالجات، وذلک عبر ما يقدمه مسرح الشارع من أجل إعطاء التلقي استقراراً وهدوءاً في أبجديات العرض الواقعية التي تشکل الفارق الواضح مع مسرح العلبة.
وفي نهاية الباب الأول، عرفت ثلاثة مصطلحات تتعلق بعنوان البحث وهي: (التشکيل – الجمال – المکان).
أما الباب الثاني (الإطار النظري) تکون من مبحثين هي:
المبحث الأول: المعطيات الجمالية والفکرية للمکان في مسرح الشارع
المبحث الثاني: فن الارتجال وحرية الطرح في مسرح الشارع
ومن ثم خرجت بمؤشرات الإطار النظري والتي هي بالأساس قريبة ومکملة للبحث الحالي، وبعدها نُوقشتْ بشکل علمي ومنهجي عبر التطبيق مع عينة البحث والأهداف.
تضمن الباب الثالث: أهم الإجراءات التي اتبعتها الباحثة لتحقيق هدف البحث والتعرف على الأفعال المؤثرة وغير المؤثرة بالنسبة للمکان في مسرح الشارع، وبالتالي محاولة إشراک ومواجهة الجمهور في مسرح الشارع وما يعتمده على آلية الأداء والبيئة المکانية، من أجل تحقيق ذروة العمل والوصول إلى حقيقة الأزمة.
کما استنتجت الباحثة بأن المکان من العناصر المهمة والأساسية في عروض مسرح الشارع، لما يحتاجه هذا المسرح من مساحة جغرافية تتحدد عن طريقها عدة مستويات، منها: فکرية وأخرى معرفية، وأيضا جمالية، فضلاً عما يقدمه مسرح الشارع من الحرية في الطرح، والتفاعل وخلق الجسور بين المؤدي والمتلقي.
اعتمدت الباحثة على إجراءات البحث وتحليل العينة على وفق ما موجود ومتيسر من تصورات، شملت مصادر مختلفة، إضافة إلى المشاهدات واللقاءات الميدانية التي شرعت بها الباحثة، ونظراً لسعة المجتمع الأصلي للبحث وتعذر إمکانية حصره إحصائياً، فقد اعتمدت الباحثة في حصر مجتمع البحث على التشکيل الجمالي للمکان في مسرح الشارع، وقد أخذت الباحثة بنظر الاعتبار ما تمتاز به هذه المساحة من خصوصية، وما يجعل أمر اتخاذها ليس بإمکان الباحثة تجاوزه، کونه يشکل ظاهرة بحثية يمکن دراستها، لهذا کان اختيار عينة البحث بطريقة قصدية لکي تناسب وتحقق أهداف البحث الحالي.
واُختيرت عينة البحث بنحو يتناسب مع مفاهيم الدراسة، لذا اُختير العرض الکوميدي الصامت (مفوض عبد) فکرةً واداءً وإخراجاً: حسين مالتوس.
في الباب الرابع: حصلت الباحثة على أهم النتائج والاستنتاجات التي لوحظت فيها اشتغالات المکان الجمالية وتأثيرها على مسرح الشارع، وهي:
تنوع الأساليب الإخراجية وتطورها إذ تعدّ جزءاً رئيساً من تطور هذا النوع من المسرح "مسرح الشارع"، کما تنوع أشکال العروض وأفکارها تأخذ رؤى ممکن أن تعبر إمکانات الإيحاء الدرامي بوساطة تشارکية الممثل بالمتلقي انفعالياً.
انسجام أجزاء العرض الواحد يحقق الترکيز عن طريق خطوط العرض المسرحي، ومدى تفاعل الجمهور مع اشتغال المباشرة في الحضور.
للرؤى الحسيه تأثير في الکشف عن رؤية المخرج، ولما تحمله من أهداف لبناء مظهر وجوهر العرض المسرحي.
تنوع استعمالات عناصر العرض، مثل المباشرة والارتجال، مما يؤثر ذلک على الأحداث المجسدة داخل منظومة اشتغال العرض المسرحي.