إن جميع ما جاء في هذا الفصل من اختلاف رؤى بين المخرج والکاتب، حاولت خلاله ألا أجيء على أحدهما لحساب الآخر، وإن بدا غير ذلک فمردُّه لمن جئت عليه؛ حيث توخيت الحيطة والحذر فيما تم تناوله من قراءة ولم آت له بشيء خارج عنه؛ إنما جميعه من داخل العمل وقابلته بنظيره من العمل الآخر، ولقد رأينا وفقما أُعطينا أن المفکر الروائي کرث کل جهده لخدمة موضوعه فجعله ذو حمولة فکرية متراکمة يطلب له أکثر من علم ليلم ما به من فکر وثقافة وفلسفة واجتماع وعلم النفس؛ حيث تعددت الخيوط ذات المرجعيات الواقعية وتشابکت العلاقات وتعقدت في بعض مناحيها، وما جاء بالنص الروائي من حبکة رومانسية بين عاشقيَن، إنما کانت موظفة عمل الروائي جهده ألا تشذ عن سياقها، في حين عمل المفکر السينمائي جهده ليجتزئها حتى أنها راح يجمع من هنا وهناک مشاهد ويرصها رصَّا حتى أن الفيلم لم يرتق لأن يکون مجرد تحويل قصة إلى صور، فلقد کانت صوره باهتة ليس فيها من الصدق الواقعي أو المجتمعي في شيء، لقد کان الفکر الروائي منصبَّا على الموضوع في حين کان السينمائي منصبَّا على المتفرج وبحث سبل الاستحواز عليه بشتى المؤثرات السمعية والبصرية والإغرائية والإغوائية.