مفهوم النسق واحد من المفاهيم الرئيسية التي اعتمد عليها النقد الثقافي في تحليله للنص الأدبي، وهو بدوره منقول عن التحليل الاجتماعي في هذا المجال، لکنه قبل ذلک مرتبط بمجمل الدراسات الثقافية التي فتحت بابا واسعاً في هذا الشأن، أي بخصوص تعاملها مع ظواهر عدة، مستخدمة مصطلحات ذات دلالة خاصة في مجالها وإن ارتبطت – أي المصطلحات – بأصول مختلفة، وهي الأصول التي يرجع بعضها إلي النقد الأدبي الذي کان مؤثراً في هذا الجانب بکتابات أعلامه التي تجاوزت حدود النص الأدبي إلي مناقشة ظواهر السياسية والاقتصاد والمجتمع والثقافة بشکل عام.
وفيما يتعلق بالنص الأدبي خاصة، فإن الملحوظة الأبرز في شأنه تتعلق بالتداخل المستمر بين الدراسات الثقافية بوصفها المجال العام الذي يسمح بالتقارب والتداخل بين کل هذه الاختصاصات في جانب، والنقد الأدبي بوصفه أحد المصادر الأساسية المؤثرة في نشأة الدراسات الثقافية، تمر في تحوله ضمن الدراسات الثقافية إلي نقد ثقافي، يثير الجدل حول موضوعه، وأصوله، ومنهجه، وعلاقته بکل من الدراسات الثقافية والنقد الأدبي سواء بسواء.
وأمام عدم وضوح مفهوم النسق ذاته في تلک الکتابات على الرغم من حديثها الطويل عنه، فقد کان لزاماً الوقوف عند هذا المفهوم وايضاح علاقاته المختلفة بتلک المصادر المؤسسة في تعيينه، من أجل الوقوف على طبيعة وجوده وآثار تجلياته في النص الأدبي.
وعلى هذا الأساس تناولت مفهوم النسق في ضوء علاقته بالنقدين الثقافي والأدبي، کم في علاقته بأصول هذين الرافدين في الدراسات الثقافية.