يواجه المجتمع المصري الکثير من الأزمات المتلاحقة والمستحدثة التي تشعره بفقدان الأمن الاجتماعي وعدم وضوح ملامح المستقبل، ويرجع ذلک إلى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والأيديولوجية التي شهدها المجتمع المصري –وما يزال- بصورة سريعة مما جعله ينصاع لقيم مستحدثة، ومغايرة يتعايش في إطارها وينفصل بها عن قضايا مجتمعة ويغترب عن واقعه ومن ذاته لعدم قدرته على مواجهة هذه التغيرات.
وتعتبر ظاهرة المخدراتمن أهم وأخطر المشکلات التي تواجه کل من المجتمعات المتقدمة، والمجتمعات النامية على حد سواء، فلم تعد مشکلة المخدرات ظاهرة إنسانية ضارة تقف آثارها عند حدود الحياة الفردية الخاصة، وإنما امتد تأثيرها إلى المجتمع ککل، لذلک نالت ظاهرة المخدرات وما تزال –اهتماما کبيرا من جانب المتخصصين في العلوم الإنسانية عامة وعلم الاجتماع بصفة خاصة، لذا فإننا بحاجة ماسة إلى فهم تلک الظاهرة في إطار الثقافة العالمية والمحلية فهناک تباينات وفروق واضحة بين ثقافات الشعوب، خاصة وذلک التمايز بين ثقافة أهل الشمال المتقدم، وثقافة أهل الجنوب المتخلف، فعلى الرغم من وجود مظاهر للتشابه بين ثقافة کل منهما على حده، فإن کل ثقافة فرعية داخل کل منهما تنطوي على خصوصية تميزها عن غيرها، وما يحدث في واقع المجتمع المصري لا ينفصل عن السياق الرأسمالي إلى العالمي بتحولاته وتغيراته المتسارعة –شأنه في ذلک شأن معظم المجتمعات المحيطة التابعة- ولذلک فإن فهم أبعاد التعامل مع ظاهرة المخدرات في مصر ينطلق من مقولة عدم التکافؤ بين المستويين العالمي والمحلي، وفي ضوء ما تقدم تحاول الدراسة التعرف على طبيعة ظاهرة المخدرات وتاريخ تطورها، والعوامل المؤدية إلى انتشارها بين الشباب والآثار المترتبة على ظاهرة إدمان المخدرات لدى الشباب.