اللغة العربية من اللغات الحية التي تنمو وتتطور على وفق حتمية التطور الذي تتصف به اللغات، لان اللغة ظاهرة اجتماعية تخضع لناموس الحياة في نظامها اللغوي، کما توصف اللغة العربية بأنها من أفصح اللغات، وبلاغتها أتم البلاغات، فهي أوسع اللغات بمفرداتها، وأقدرها على تلبية حاجات الناس وأحسنها استعدادًا للإبداع.
واللغة العربية تتفنن في أساليب البيان عن طريق المجاز، والحذف ضرب من ضروب الإيجاز، وهذا هو ديدن لغة الضاد التي توصف بأنها لغة الفصاحة والبيان والإيجاز. واللغة العربية بحر زخّار وکنز من کنوز المعرفة والأسرار وإنّ الدارسين والباحثين ينهلون من معينها الذي لاينضب.
وتأتي الصناعة في الحذف في اللغة على ألوان عدة، اذ بدأ البحث بصناعة حذف الجملة، ثم تأتي صناعة حذف الکلمة التي تتضمن طرفي الکلمة :الفعل والاسم، ثم صناعة حذف الحرف، اذ يجوز فيه حذف قسم من حرف الجر وحروف أخرى کالألف وحرف النداء (يا) وحذف النون والتنوين وغيرها، ثم تأتي صناعة حذف الصوائت التي هي الحرکات (الفتحة والضمة والکسرة ) وحروف المد : ( الألف والواو والياء).
ولمّا کان عنوان البحث هو (ملامح الصناعة والصنعة في مباحث الحذف عند النحاة القدماء ) توجّب عليّ ان أتتبع کل کلمة في العنوان لتوضيح معناها وبيان العلاقات بين کل مصطلح وآخر، فتتبعتُ بيان الأصل اللغوي لمادة (حذف ) والاصطلاحي، وأصل الصناعة في النحو، وبناءً على تعريفات (الحذف، والصناعة والصنعة ) اتضحت التفريقات وأوجه العلاقات فيما بينهم، وماله صلة بالحذف نحو (الاسقاط والاضمار ) وغيرها.... مستندةً الى القاعدة النحوية والصناعة في تتبع النصوص القرأنية والأبيات الشعرية والأمثلة المصنوعة وتحليلها، ومستندةً الى آراء النحاة والبلاغيين والمفسرين وماتؤول اليه قواعدهم ووجهات النظر الى التکليف في التأويل والتفسير وتقدير المحذوف.