إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) أما بعد:
فإن دين الإسلام هو خاتم الرسالات أتم الله بکماله النعمة على عباده، ولما کان الأمر کذلک فإنه دون أدنى شک صالح لأن يعمل به في کل زمانٍ ومکان، ومما يجعله کذلک اتسام تشريعاته باليسر والسهولة، ودرئه للمفاسد ومراعاة المصالح وتقديم العامة منها على الخاصة، وجمعه في وقتٍ واحدٍ بين التمسک بالمباديء والقيم وبين الواقعية والمراد بالواقعية هنا أنه يمکن تطبيقه على أرض الواقع بلا حرجٍ ومشقة، لا بمعنى الخضوع للواقع کما يحلو للبعض أن يفسر به الواقعية، والمسلم يؤمن بذلک على کل حال. لکنه حينما يدرس عن قرب ما استجد من أمور ليرى هل يجد لها في الإسلام حکماً، ينبهر حينما يجد أن علماء الإسلام قديماً وحديثاً کتبوا في مسائل کثيرة دقيقة ومتنوعة، ومما ساعدهم على ذلک عملهم بالقياس وتطبيقهم للقواعد الفقهية التي يمکن أن يندرج تحتها کثيرٌ من المسائل، بل لقد ألف بعض العلماء قديماً کتباً في النوازل خاصة، وفي العصر الحاضر أقيمت المجامع الفقهية لبحث النوازل المستجدة.
ومن هذه النوازل المستجدة في عصرنا هذا والتي عمت بها البلوى : القضايا ذات العلاقة باب الاستحالة، کقضية : استعمال مياه الصرف الصحي بعد تنقيتها وتحويلها لمياه صالحة للاستعمال البشري، هل يحکم بطهارتها أو لا، خاصة مع شح المياه في هذا الوقت والحاجة الملحة لکثير من الدول إلى تدوير المياه ومعالجتها واستخدامها.