ترسم الظاهراتية معطياتها الفلسفية بحسب طروحات (هوسرل) من خلال التوفيق بين الفکر والعالم عن طريق وصف البنى العليا للوعي الإنساني، ولهذا وجدت الظاهراتية فضاءً معرفياً من شانه إن يکون علماً للوعي، وبإمکانه ان يصف التأثير المتبادل بين الذات والعالم، ومن هذه المقولة الفلسفية التي عمل هوسرل على احداثها في الفکر المعاصر التي تجد صداها في النص المسرحي بوصفه ظاهرة يهتم بعمليات التفکير والوعي والفهم والتجربة الانسانية فهو يشکل احد فضاءات هذا الفکر الواعي للواقع الانساني، لأنها تعمل على ان تلج الذات الداخلية للوعي الانساني من خلال تقديم فعل ذهني مستتر في الظاهرة المقروءة في النص المسرحي.
ولرصد هذا التعالق الواعي بين النص والظاهراتية في قراءة الفکر الانساني بوعي متعالي، عملنا على ان يکون هذا الرصد من خلال ثلاثة محاور: الاول يمثل المحور المنهجي المتضمن مشکلة البحث واهمية البحث وهدف البحث، والمحور الثاني يتمثل في التأسيس النظري الذي تضمن ثلاثة مداخل هي:
اولاً: مدخل مفاهيمي للظاهراتية
ثانيا: مرتکزات الظاهراتية النقدية
ثالثا: التأويل الظاهراتي للنص المسرحي
اما المحور الثالث فهو تناول اجراءات القراءة الظاهراتية للنص المسرحي
ثم ختم البحث بالنتائج التي توصل اليها وقائمة مصادر البحث، ومن اهم النتائج التي توصل اليها هي:
1- ان القراءة الظاهراتية تکشف عن ماهية الوجود الانساني وهذا ما يتسم به النص المسرحي بوصفه ظاهرة تکشف عن ماهية الحقيقة الانسانية، وهذا ما ظهر عند قراءة النص في ضوء المنهج الظاهراتي، اذ تبين ان النص المسرحي يؤسس لرؤية فلسفية تحاول ان تحدس المعنى من خلال ادراکه الجمالي للواقع الانساني وجدلية هذا الوجود کما في طروحات نص مکبث وهملت وعطيل وغير ذلک من النصوص، اذ لکل نص رؤيته الفلسفية ذات الوعي القصدي.
2- اظهرت تحليل عينة البحث ان النص المسرحي هو الفضاء الذي يکشف عن حضور وتمثل لطروحات الظاهراتية والفلسفية والنقدية التي يقدم فيها قراءة الوجود ظاهراتياً، فًشکلان کل من الظاهراتية والنص المسرحي خطابان لتحديث الوعي الانساني والانقلاب على کل ما هو تقليدي ونمطي في الفکر الانساني. وعليه فان النص المسرحي وعي متعالي وفع تأکيد لقصدية الظاهراتية التي تکشف عن حقيقة الوجود کما يقول نيتشة.