إنّ الصور البلاغية والبيانية من أهم العناصر المکونة للخطابات التواصلية، وتُعتبر الوسائل البلاغية رافدًا مهما للحِجاج, إذ تُکسب الخطاب درجة عالية من إقناع المتلقي, والتأثير فيه, والتشبيه نوع من أنواع الأساليب البيانية والبلاغية, وآلية من ألياته الحجاجية في البناء الصوري داخل الخطاب.
ولم تعد أهمية الصورة البلاغية في الخطاب, متمرکزة في التنميق والتزين, بل خرجت من هذا الثوب القديم؛ لتصبح حجةً قويةً للمتکلم لتحقيق هدفه الطامح إليه من خطابه, وهو إقناع المتلقي والتأثير فيه.
والتشبيه أسلوب من تلک الأساليب البيانية, وله فاعلية هامة في العملية الحجاجية للخطاب, وذلک عن طريق الصور التشبيهية التي يدرک بها المتلقي هدف المتکلم من خطابه؛ وذلک لما تحدثه هذه الصور من إثارة عقل المتلقي, وإقناعه بفکرة المتکلم.
ويهتم البحث بدراسة الصورة التشبيهية وتنوع مصادرها في خطابات أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه, ودورها الحجاجي في إقناع المتلقي, بعدما کانت الصورة التشبيهية مقتصرة على الزينة والتنميق داخل الخطاب.
کما تهدف الدراسة إلى إبراز فاعلية التشبيه في خطابات عمر رضي الله عنه, في کونها تقرب المعاني المجردة من ذهن المتلقي, وذلک باستخدام الصور التشبيهية, وسواء أکانت هذه الصور مأخوذة ومستوحاة من المجال الحسي (عالم الحيوان- عالم الإنسان – الطبيعة وغيرها.. ), أو من ثقافة المتلقي, فالهدف منها, استمالة المتلقي ؛ ليشاطره أفکاره, ويقتنع في النهاية بسهولة ويسر, وهذا هو الهدف من الخطاب.