الاستشراق علم واسع له من الإيجابيات مثلما له من السلبيات، ومن الخطأ تعميم الأحکام على کامل النتاج الاستشراقي بسبب وجود بعض النتاجات غير الموضوعية، والحق يقال أن المفکر العربي لم ينظر بموضوعية کاملة إلى الکتابات الاستشراقية، وما زال يتصور أن کل ما يصدر من الغرب بخصوص الشرق والعالم العربي والإسلامي هو استشراق هدفه الاستعمار الفکري والثقافي والاجتماعي والسياسي، وفي حقيقة الأمر هذا  تصور خاطئ، لأن جزءاً من تلک الکتابات قد صدرت من رجال دين أو أدباء أو فلاسفة غربيين ليس لهم علاقة بالاستشراق وأهدافه، لذا لا بد من الإشارة إلى أنه ليس کل ما أنتج عند الغرب بخصوص الشرق والعرب والمسلمين هو استشراق سياسي أو استعماري، وبالتالي قد يکون ذلک مفيداً في أن تکون النظرة للنتاج الاستشراقي نظرة موضوعية، تتناسب وقيمة ما تطرحه تلک الدراسات من أفکار وآراء مهمة بالنسبة للشرق والعرب والمسلمين. وهذا البحث يتناول الاستشراق بإيجاز من حيث: مفهومه، أسبابه، أهدافه، ووسائله، وأعلامه، کما يتناوله من المنظور الاستعماري لثقافة وفکر وأرض وموارد بلاد الشرق والعرب والمسلمين.