انماز النص الصوفي بکونه نصاً تتجلى فيه المقومات الإبداعية للنصوص الأدبية . فهو نصٌ حافل بالخصائص الجمالية والفنية سواء أکان ذلک على صعيد المضمون أو على صعيد التوظيف الإبداعي للغة . ولأن التجربة الصوفية تجربة ذاتية فردية عميقة مثلت نزعة حدسية کشفية متوهجة لجوهر الحياة وجمالها . اتسمت لغة النص الصوفي بالبعد الإشاري المعتمد على الإيحاء وقد أهاب المتصوفة بالتراکيب الرمزية التي لا تکشف بقدر ما تحجب ولا تضيء بقدر ما تبسط مزيداً من الظلال ولا تصرح بقدر ما توميء وتلوح من وراء حجاب . الأمر الذي أکسب النصوص الصوفية غموضاً وانغلاقاً من جهة وانفتاحاً على التأويل من جهة أخرى . فجاءت التراکيب مکتنزة لأساسيات الصياغة والبناء فضلاً عن التشکيل الجمالي والإبداعي المنغمس في الذاتية والمتجه نحو المطلق والمبتعد کل البعد عن الآنية الفانية . والشاعر الزاهد أبو بکر جعفر بن يونس الشبلي من شعراء الصوفية في العصر العباسي الذين طبع شعرهم بطابع الرقة والعذوبة اتجه بنصوصه نحو تصوير وجده الروحي وشوقه لقرب الحبيب الأوحد واللهفة الممزوجة بالحسرة على بعد المنال وقلة الوصال لتتعدى المعاني الحسية إلى المعان الروحية وتتخطى الحرفية المباشرة إلى التأويل الرحب . وقد تناول البحث مکامن الإبداع في النص الصوفي موضحاً أبرز ملامحه ووظائفه الجمالية وقدرته المتناهية على تأدية المعنى ، ولاسيما المعاني الصوفية ذات الدلالة المفتوحة غير المقيدة والمرتکزة على المعاني الروحية الموحية بعمق التجربة الشعورية .