روبرت فرست (1874-1963) الحائز على جائزة بولتذر للشعر للمرّة الرابعة، قد أبدع لغة جديدة للشعر والتي لقيت رواجاً کبيراً، حيث إنّه استعمل في شعره اللغة العاميّة البسيطة موظِّفاً النکات البديعية من استعارات وتشابيه وجناس وطباق، ممّا جاء معادلاً لتعريفه للشعر بأن تقول شيئاً وتعني شيئاً آخر، وأکثر أشعاره قائمة على - الحوار والرويّ- روي قصص المزارعين وعائلاتهم وقصص القرويين والعمَّال والرُّعاة، قصائد تبعث على البهجة والسرور، وأخرى تتحدث عن مآسي الحياة، ولکنها بلغة خالية من التکلُّف. ووظَّف فرست في شعره صوراً متداخلة مع مغزى قصائده موضَّحة نمط وفکرة القصيدة القائمة غالباً على شدّة ملاحظة الشاعر لِمَا يرى، ولِمَا يدور حوله.
کل قصيدة من قصائد فرست تحکي لنفسها مستعملة اللغة العفوية، سواءً أکانت مکتوبة أم مقروءة مترجمةً إلى عمل ذو فائدة، کما هو في قصيدة "قص العشب"، أو في قصيدة "قطف التفاح"، أو قصيدة "إصلاح الجدار"، وکل هذه القصائد نابعة من واقع الحياة اليوميّة للشاعر. کما انبثق الکثير من قصائد فرست من تجاربه الشخصية، مثل: قصيدة "الخوف من العاصفة الثلجية"، وقصيدة "الهواء الدافئ". فالصوت والتشابيه بأنواعها هي التي تتکلَّم في قصائده.
لا أرى أنَّ هناک ضرورة قصوى لتناول کل قصيدة للشاعر روبرت فرست على حدة وشرحها هنا، وأتمنَّى أن يکون ذلک. لقد قمت باختيار العديد من قصائده، بالإضافة للمواضيع التي تناولتها في هذه الورقة، والتي تدخل في صلب موضوع البحث، وقمت بذکر بعض القصائد مروراً ودون الوقف عليها. فالمواضيع التي ناقشتها هنا هي نظرية فرست الشعرية وتطبيقاتها في شعره. فرست شاعر الطبيعة، فرست الشاعر الهائم على وجهه، وفرست الشاعر البراغماتيکي والقائم شعره على شدّة الملاحظة والمشاهدة لِمَا يدور حوله.