لما کان الإنسان مع ضعف خلقته هو الکائن العجيب والمخلوق المکرَّم، وصفوة العالم وزبدته، ودُرَّة الکون وثمرته، ومظهر تجلي عظمة الله وقدرته، وبديع صنعه وعجائب آياته، وهو محور اهتمام القرآن الکريم، ومحل بحثه، والمخاطَب الرئيس فيه؛ إذ نزل عليه هاديًا للطريق القويم، والصراط المستقيم، ومتضمنًا سعادته في الدنيا، ونجاته في العقبى؛ عقدت العزم أن أبحث في هذا الموضوع، وأجمع من خلاله ما جاء في القرآن الکريم من حديث عن تکريم جنس الإنسان، وإظهار صور هذا التکريم، وأوجهه المتعددة، وأشکاله المتنوعة، وخصائصه وواجباته، مبينًا أن الإسلام جاء بمبادئه السامية وتشريعاته السمحة ليرسّخ في الإنسان إحساسَه بمکانته، وليقوِّيَ تمسَّکه بکرامته؛ لأنها جوهر إنسانيَّته، ولبّ بشريَّته، وأسّ ذاتيَّته، وليغرس فيه تقديره لمقامه ومنزلته حتى يعمر الأرض بطاعة الله تعالى، وليقيم فيها الموازين بالقسط، وليعبد اللَّه وحده لا شريک له. وعنونت البحث بـ(تکريم الإنسان في ضوء القرآن). وتکونت خطة البحث من مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة. والتمهيد: فيه بيان معنى التکريم ، وأن الله هو الکريم المطلق، وتکريمه للإنسان من کرمه سبحانه. والفصل الأول: في خصائص وواجبات تکريم الله للإنسان. والفصل الثاني: في أوجه تکريم الله للإنسان. والخاتمة فيها: أهم نتائج البحث. هذا، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا کثيرًا.