هذا بحث يتناول ( إجراءات الخليفة المهدي في ميدان الإصلاح الاقتصادي بالدولة العباسية 158-169ه /774- 785م )، ولعل سبب اختياري الإصلاح الاقتصادي لما للجانب الاقتصادي من أهمية تعکس قوة اوضعف نظام الحکم ،فضلاً عن اعتماد المؤسسات کافة على موارد الاقتصاد في تمشية امورها ، ومما ما دفعني إلى دراسة الإصلاح الاقتصادي من قبل الخليفة المهدي دون غيره من خلفاء بني العباس، ذلک لان هذا الخليفة خطى خطوات لإصلاح اقتصاد الدولة العباسية بشکل ملموس ، فشخّص الخليفة المهدي مواضع الخلل في الميدان الاقتصادي وحدد السلبيات في هذا الجانب ،وسعى لتحسين أداء الأراضي الزراعية وزيادة الموارد المتأتية منها ، فغير نظام الخراج من نظام المساحة الى نظام المقاسمة ،بعد أن وجد إن السعر قد رخُص فلم تعد الغلال تفي بخراجها ليضمن جباية عادلة لايتضرر من خلالها بيت المال أو المزارع ،وعين عمال خراج أکفاء ،ووفرَّ مصادر الإرواء للأراضي الزراعية من خلال قيامه بشق الأنهار ، وحفر الابار ، واهتم باراضي الصوافي ووهبها لمن يستحقها،کما اقدم على منح القطائع لبعض الفئات في المجتمع ، وابدى اهتماماً ملموساً بالصناعة والتجارة فنجده قد شجع الصناعات المختلفة من خلال توفير رؤوس الأموال للعاملين، وسعى الى بناء الأسواق لتصريف منتجات الزراعة والصناعة ،وشجع عمليات التصدير ،وحرص على توفير العملة النقدية من خلال سک دراهم جديدة ،واستحدث دواوين جديدة ارتبطت بالجانب الاقتصادي .