يحاول هذا البحث دراسة مقامات ابن ناقيا البغدادي؛دراسة سردية؛ تکشف عن مکوناتها البنائية و خصائصها النوعية، التي يتشکل منها خطابها السردي.
وابن ناقيا البغدادي هو أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين، أديب،و شاعر، ولغوي، تثقف فضلا عن علوم العربية النقلية بعلوم الأوائل من فلسفة،ومنطق، وتعاطى علم الکلام، و عاش مابين عامي 410- 485 هـ.
قال ابن خلکان :" وکان فاضلا بارعا و له مصنفات حسنة و مفيدة، منها مجموع سماه ملح الممالحة، و منها کتاب الجمان في تشبيهات القرآن،و له مقامات أدبية مشهورة، واختصر الأغاني في مجلد واحد، وشرح کتاب الفصيح، وله ديوان شعر کبير، و ديوان رسائل... وکان ينسب إلى التعطيل ومذهب الأوائل، وصنف في ذلک مقالة، وکان کثير المجون". فيؤکد ابن خلکان ما سبق أن ذکرناه من جمع ابن ناقيا بين الثقافتين النقلية والعقلية،و معرفته بعلوم الأوائل. و يبدو أن تلک العلوم العقلية لم تکن مرغوبة في البيئات السلفية أوعند العامة؛ و لذلک يسوقها ابن خلکان في مساق القدح في شخصيته؛ عندما يذکر "و کان ينسب إلى التعطيل – و هو قول المعتزلة في نفي صفات الله و تأويلها– و مذهب الأوائل... و کان کثير المجون " .
و لعله يطري شخصيته الأدبية عندما يذکر جمعه بين قول الشعر و کتابة النثر؛ بقوله " و له مقامات أدبية مشهورة، و له ديوان شعر کبير، و ديوان رسائل "؛ فيظهره في صورة الأديب المتکامل الذي يجمع إلى الإجادة الواضحة في النثر الفني، الإبداع في مجال الشعر أيضا.و خلاصة القول أن ابن خلکان يجمع لابن ناقيا العلم و الأدب و الثقافة الواسعة، و يشير إلى تجافيه عن مذهب أهل السنة، و ربما ترتب على ذلک وصفه بالمجون.