وقف البحث بمنهجه التطبيقي على أسلوبية المدائح النبوية عند البوصيري ان الشاعر إعتمد التناص عامة والاقتباس خاصة على خضوع آليات کل منهما لإشغال الذاکرة واسترجاع المفردات منظومة وجملاً ونصوصاً وصوراً سواء کان ذلک بطريقة واعية أو غير واعية، وهي صاعدة من عمق التاريخ قادمة من ثقافة تحيط بالمبدع زمانا و مکاناً، مما يعالق النصوص مع بعضها ليخلق فضاءً فکرياً وبناءً نصياً يخص المبدع وغايته.
کانت آليات الاقتباس عند البوصيري واقتباساته قائمة على المامه بعلوم القرآن و معانيه الى جانب تاريخ المسيحية کما انه درس التوراة والانجيل دراسة واعية.
استطاع البوصيري بثقافته وابداعه وحبه للممدوح (ص) ان يفتح النص ويغيّب زمن الاحداث مما خلق حواراً نصيا ً وتفاعلا ً مؤثرا ً ، فقدرة المبدع على التحويل والترهين والتحيين والتمظهر في نصوصه المقتبَسة والمقتبِسة قد خلقت حوارية زادت من مقروئية نصوصهِ بسبب صدق العلاقة بين النص وقارئه.
ان العلاقة الروحية التي ربطته مع نصوصه المادحة لحبيبه ( رسول الله (ص)) وربطت کليهماالمبدع ونصه بالنص الالهي البديع ، خلقت نصاً طويل النفس في قصائده فقد بلغت قصيدته (الهائية) 457 بيتاً والمحمدية 160 بيتاً کذلک کان عدد ابيات البردة کبيراً وکلما طالَ نفس القصيدة کثرت الاقتباسات القرآنية فيها.
قد اتبع البوصيري ضوابط و احکام الاقتباس القرآني بلا خلل او تحريف او ضرر. وهو ما کان دليلاً على عمق ثقافته وشدة معتقده وتمکنه من ادواته اللغوية والفنية الى جانب الفطرة التي جُبِل عليها .