الفن القصصي والروائي في بيئة اليمن الادبية، هو جزء من هذا الفن العام والشامل في البيئات الادبية العربية الاخرى، التي راحت تشهد ولادته الفنية، وليس التاريخية منذ مطلع العقد الثاني من القرن العشرين.
واليمن عموماَ، والجنوب العربي خصوصاً، کان قد شهد محاولات جادة، وحثيثة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لتجريب اسلوب الکتابة الروائية والقصصية، تقليدا لما هو سائد في الاداب العالمية، وکذلک تقليدا لما راح ينتشر من هذا الفن في الادب العربي الحديث، منذ مطلع عصر النهضة، وهم في محاولاتهم الجادة هذه لايختلفون عن غيرهم من أدباء العرب الذين انهمکوا في کتابة هذا الجنس الادبي الجديد – وقتذاک – حتى وان کانت محاولاتهم هذه ساذجة، کما تبين ذلک في العراق وعلى يد محمود احمد السيد عام 1921 م.
ولما کان الفن القصصي في الأدب العربي الحديث الابن الشرعي للصحافة العربية. فقد لعبت صحيفة ( فتاة الجزيرة ) الصادرة في عدن دورا مهما في تطوير محاولات الکتاب اليمنيين وتهذيبها باتجاه تقريبها من الشروط الفنية، وکذلک لما نشرته من مقالات شبه نقدية، وخاصة لمحمود تيمور، تصب جميعها في مجرى النظر إلى هذا الفن وتأمله، وتذوقه بهدف ممارسته، کتابة وقراءة، من قبل المجتمع العربي في ذلک الوقت.
من هنا کانت صحيفة ( فتاة الجزيرة ) العدنية سباقة في بيئة اليمن من خلال تعاملها وتشجيعها لهذا الفن، ولکتابه وقرائه، والترويج لما يصدر من روايات او قصص تاريخية، بأحداثها وشخصياتها لخيرة کتاب اليمن، فضلا عما کانت تقوم به مجلة ( الحکمة اليمانية ) في هذا السياق.
ولذلک جاءت رواية ( يوميات مبرشت) الصادرة عن مطبوعات ( فتاة الجزيرة ) تأکيداً لهذا الدور المهم، الذي لعبته الصحافة العربية في تطوير الشروط الفنية للعمل الروائي او القصصي العربي وإنضاجه.
مثلما سجلت رواية ( زينب ) لمحمد حسين هيکل عام 1912 البداية الفنية للقصة المصرية، کذلک کان الحال بالنسبة لرواية ( جلال خالد ) لمحمود احمد السيد، التي سجلت البداية الفنية للقصة العراقية في عام 1928 بعد محاولات عديدة بذلها السيد في هذا المجال منذ عام 1921. فقد سجلت رواية ( يوميات مبرشت ) لارسلان، الصادرة في عدن عام 1948 البداية الفنية للفن القصصي والروائي في الادب اليمني الحديث.