إذا کانت المصادر التاريخية والتنقيب عن الآثار أقْدَرَ من الشعر على توثيق مظاهر العمارة عند العرب الجاهليين، فإن هذا الشعر يبرز في جلاء صورة هذا البناء، بدليل ورود عدد غير قليل من مصطلحات العمارة عند طائفة من شعرائه، الذين وصفوا عمائر بأعيانها، رأوها وربما ارتادوا باحاتها،وهم الأکثر ترحالا إلى المدن وقصور الملوک والأشراف، وأديرة النصارى،وحانات الخمارين.
ويبدو أنَّ الشاعر العربي وقف من العمائر الضخمة موقفين: موقف "الواقعي" الذي لم تذهله القصور، فنسبها إلى أصحابها، وآمن بأن بُنَاتَها بشرٌ مثله، وموقف العاجز، المتوهم العجز في الناس العاديين، فنسب بناء تلک العمائر إلى الأنبياء والجنّ، أو نسبها إلى الأولين على غير تعيين .
وأيا کانت الأسباب التي قدّمها الشعراء سبيلا لتفسير فخامة المشيدات المعمارية، فإن هذا الشعر و لاريب وثيقة تاريخية وصفية لجانب من جوانب الإبداع لأولئک الأوائل الذين شيدوا صنوفا من معمارية فنية أدت وظيفة اجتماعية ودينية واقتصادية وصناعية.
الکلمات الافتتاحية
العمارة ، أنماط المعيشة السکانية ، أشکال العمارة ، المشيدات المعمارية