بعد مئة عام من التوصل إلى ما عرف باتفاقية سايکس بيکو في العام1916بين بريطانيا و فرنسا وما ترتب عليها من تقاسم للنفوذ في منطقة الشام والعراق بين هذين المستعمرين . واليوم ،فإن علاقة صريحة تربط بين تصريحات مايکل هايدن مستشار الامن القومي الامريکي(2014) وهذه التفاهمات بنظرة جديدة وبفاعلين جدد، سيما أنه عدَّ العراق وسوريا قد اختفيا فعليا ولم يعد لهما وجود على الخريطة،وبدا واثقاً بانهما لن يعودا کما کانا مطلقا. ومما يؤکد ذلک إن هايدن تحدث عن مصير مماثل لليبيا، وهي أيضا من الدول المرتبطة بتفاهمات سايکس ـ بيکو. إن خطط التقسيم تناقش اليوم رسمياً، ولا تقتصر على تصريحات ، وقد طرحت في مجلس النواب الأميرکي من قبل خطة لتقسيم العراق إلى ثلاث دول ، وهي خطة تضاهي خطة برنارد لويس الشهيرة التي نشرت العام1984بعد أزمة منع النفط العربي عن أوروبا، وتقوم على إعادة هندسة المنطقة العربية وفق معايير عرقية وطائفية وقبلية. وما يحدث في منطقة الشرق الأوسطلم يکن عشوائيا، فمنذ العام 2003 حيث الغزو الأميرکي للعراق وربما قبله شرع بالتغييرات الجديدة عملياً، ثم إطلاق مصطلح (الفوضى الخلاقة) وما تلا ذلک من اندلاع ما سمي بـ(الربيع العربي)، الذي دشن الفوضى وترجمها على أرض الواقع ثم ظهور تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) وإعلانه سقوط سايکس ـ بيکو. إن هذه التطورات أسفرت بدورها عن اشتعال الصراع الإقليمي حول ما يوصف في الأدبيات البحثية بـ(حدود الدم)، واحتدم التنافس بين القوى الإقليمية والدولية حول النفوذ والمصالح والتمدد الاقليمي ، ودخل الجميع دائرة الخطر، بمن فيهم ايران وترکيا والسعودية ، لمّا ادرکوا ماهية السيناريو المستقبلي للمنطقة، وإذا ما أرادت التحکم في مساراته استدراکا لما فات من جهة والمحافظة على ما يتوفرالآن، إن کان في الوقت متسع، من جهة أخرى.