بعد أن استتبت الأوضاع السياسية للملک الافغاني محمد نادر شاه (1929-1933) واستطاع أن يقضي على الفوضى والانقسام السياسي ويؤسس اسرة ملکية جديدة استطاعت النهوض بالبلاد وتطبيق برنامج إصلاحي يحقق فيه الاستقرار السياسي الداخلي ويحافظ على استقلال البلاد، فاتجهت الحکومة الافغانية إلى توسيع علاقاتها الإقليمية مع الدول الاسلامية المستقلة، رغبة منها في التحلي بوعي دولي وتعميق الصلات السياسية عن طريق اجراء اتصالات مع دول المنطقة لضمان الحصول على المساعدات الاقتصادية أو الفنية أو توسيع التجارة الخارجية(1)، فاتجهت نحو الدول الإسلامية ومنها الحجاز قبلة العالم الإسلامي.
تسلط هذه الدراسة الضوء على نشأة العلاقات الدبلوماسية بين مملکة أفغانستان ومملکة الحجاز، وتطور تلک العلاقات بينهما ابتداءً بمشارکة أفغانستان في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في مکة عام 1926م لمنح التأييد الإسلامي للمملکة الحديثة، وتوثيق تلک العلاقات في عهد الملک محمد نادر شاه عام 1932 بمعاهدة اعترف فيها الجانبان بالاستقلال التام للمملکتين الأفغانية والسعودية، وتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين للتنسيق مع السلطات السعودية لرعاية الحجاج الأفغان، ثم تطرقت إلى مساعي المملکة العربية السعودية في حل الخلاف الأفغاني-الباکستاني حول قضية البشتونستان, ومن ثم الدور الإسلامي الذي أبدته الحکومة الأفغانية لدعم المؤتمر الإسلامي الذي تزعمته المملکة العربية السعودية ودورها في تلک المؤتمرات لدعم قضايا العرب والمسلمين.