ظل التاريخ حافل بألوان الصراع والعداء للإسلام والمسلمين من القوى الاجنبية التي سعت للسيطرة عليهم و استنزاف خيراتهم، مستخدمةً في ذلک مختلف الأساليب والأشکال، وعلى رأسها الغزو الفکري الذي خرج من کونه يراد له مجرد تغيير المظهر الخارجي للمسلمين، إلى استهداف الإسلام ذاته کونه العقبة الرئيسية أمامه، من خلال افساد الأخلاق و إفساد الشعوب الإسلامية، وتحريف الإسلام وتشويهه، ولعل من أبرز هذه الوسائل التبشير التنصير الذي لم يکن الهدف الحقيقي منها نشر النصرانية إنما التشکيک في الإسلام وابعاد المسلمين عن دينهم، وکذلک الاستشراق الذي سعى إلى وصم الإسلام بالتخلف والرجعية وعدم التطور و الرجعية، وعزله عن الحياة العامة، وکذلک محاولة أسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية التي کانت تمثل وحدة المسلمين کافة، لذلک فإن ضرب هذه الوحدة وإسقاطها يحي العصبيات والنزعات العنصرية، وأخيراً وخوفاً من الصحوة الإسلامية لجأ الغرب إلى استخدام التغريب، و دفع المسلمين الى الاقتداء بالغرب في تقاليده وعاداته وتصوراته، وتفريغ القلوب والعقول من القيم و المبادئ الاسلامية، وترکها ضعيفة فارغة، وخلق شعور بالنقص في نفوس المسلمين.
ويمکننا القول أن الغرب قد نجح من خلال الغزو الفکري والحضاري في أحداث أزمة جذرية عنيفة، و ثورة نفسيه فکرية في المجتمعات الإسلامية، فکان الشک والجحود لأسس حضارتنا ومعتقداتنا ولقيمنا ومفاهيمنا وتاريخنا، وبذلک تحقق للغرب غاياته وأهدافه .