يعنى هذا البحث بدراسة الأصول الفکرية والعقدية المؤسسة للعنف في الفکر الإسلامي. دون شک تحيل أدبيات الفکر الإسلامي إلى الفقه والتفاسير، وتمنح حيزاً هاماً للأحاديث المنتشرة في النصوص الدينية هنا – وهناک، لاسيما الفقه السلفي الذي تناوله في بحثنا –هذا- بأنه شکل تجربة فکرية لبلورة العنف في الذاکرة الجماعية، واخضاعها للعلوم الدينية، الأمر الذي أدى إلى تغيب معنى التسامح في آيات القرآني، وازلته، والتعامل معه وفق منطلق فقهي بشري وآيديولوجي سياسي.
على الرغم ما يحمل النص من دلالات عالية ذات أبعاد غنية متنوعة، يصعب الوصول إليه، بوصفه مطلقاً، لا يبدأ ولا ينتهي، خارجاً عن أي تصنيف، فهو تجلي للالهي، يتجاوز کل الخطابات، وکل النظم اللاهوتية.
لذلک زاد القلق لدينا من العنف الظاهر في فکرنا الإسلامي، خاصة أنه يمارس العنف بأسم الدين. وکان لازماً علينا أن نبني في البحث من خلال طروحات الفکر الحداثي أن العنف في الفکر الإسلامي ليس من الدين ذاته، وأنها لذاته، بمعنى آخر أن الدين لا يتصف بالعنف، بل الفکر الديني هو من مارس العنف.
أليس الفکر الديني من صنع العنف؟ فکل قراءة دينية لا ترى في النص إلا نفق آيديولوجي أو مذهبي، إنما هي بالأحرى قراءة عنفية.
لذا حاول الفکر النص وفق البحث عن تاريخية حرکة الوحي من لحظة نزوله.
تحوي هذه الدراسة مفهوماً کاملاً عن الجهاد (القتال) وآراء المفسرين والفقهاء حوله، آية السيف وأثره على الفکر الديني، موقف الفکر الحداثي العربي من دعوة القتال والتعامل معه وفق معايير التحليل التاريخي.