يُستخلص مما تقدم ان السجون کانت موجودة منذ عصور قديمة بسبب حاجة المجتمع إليها، لتخليصه من أخطار تحيط به إتخذت أجساد بعض من البشر سکناً لها. فکان من بينهم القاتل والسارق، والزاني وغيرهم من الآفات التي عرفتها المجتمعات الإنسانية منذ القدم، ومن بينها المجتمع الإسلامي.
لم تُذکر السجون في الکتب المعنية بالتاريخ فحسب، إذ إحتوت رواياتها الکتب المقدسة، السماوية منها و الوضعية، نظراً لأهمية هذه المؤسسة، ونعني السجن، في المجتمع بکبح جماح أولئک الذين يعمدون على إحداث خلل في دعائمه.ويخبرنا القرآن الکريم عن بعض من الأحداث التي وقعت سابقاً وکان السجن فيها يلعب دوراً أساسياً، إضافة إلى ذکر أسباب زج بعض من رسل الله تعالى، رغم مکانتهم الرفيعة بين قومهم، في سجون الطغاة. وکان سجن النبي موسى(ع) ، الذي دبر أمره فرعون مصر، أکثر قدماً وقساوة من سجن النبي يوسف (ع). ونصوص أخرى وردت إلينا من حضارات قديمة نشأت على أرض العراق ومصر وغيرها تطرقت إلى جرائم مختلفة عرفتها مجتمعاتها کان يُفرض على مرتکبيها عقوبة السجن لتخليص الأفراد من شرور قد تطالهم إن لم تتخذ سلطة الدولة التنفيذية إجراءات رادعة بحقهم.
ورغم ان تعاليم الدين الإسلامي، وفي مقدمتها، القرآن الکريم، وما جاء على لسان نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم أتباعه من السلف الصالح و الفقهاء ـ هذه التعاليم ذات الطابع الإنساني والتي دعت إلى وجوب السير بموجبها لإرضاء الرب و حفظ النفس والغير، إلاّ ان المجتمع الإسلامي لم يخلو من وجود بعض من ضعاف النفوس فيه، مما دعا القائمين على الدين إصدار تشريعات ذات صلة بالمخالفين لتعاليمه على إختلاف صنوف جرائمهم. هذه التشريعات تمثلت بتسمية صريحة و واضحة لمحاذيرعلى الفرد، وخاصة المسلم منهم، تجنبها درءاً لأخطار تقع يکون ضحيتها، في کثير من الأحيان، أناس أبرياء.