يرصد هذا البحث الأبيات الشعرية التى تحدث فيها عنترة بديوانه عن سواد لونه، ويحلل الأشکال الفنية التى صاغ فيها هذا الحديث، مستعينا بمنجز التحليل النفسى، وبخاصة فيما يتعلق بمفهوم العلاج بالمعنى، الذى يحاول تتبع الرحلة الخاصة بکل إنسان، للبحث عن معنى لحياته، عبر التسامى النفسى.
وقد رصد البحث عشرين موضعا لحديث عنترة عن سواد لونه فى ديوانه، وقام بتقسيمها إلى خمس مجموعات متآلفة دلاليا، وهى: ارتباط السواد بضعف النسب، والمقابلة بين السواد والبياض، والمقابلة بين سواد لونه وأفعاله الکريمة، وأثر سواد لونه على علاقته بعبلة، وابتکار مبررات شعرية لسواد لونه.
وقد حرص الباحث على عدم إغفال الخصوصية الإبداعية لکل تناول مفرد، عند التحليل.
وبعد انتهاء البحث من تحليل کافة السياقات الشعرية التى وردت فيها الإشارة إلى سواد لون عنترة على المستويين اللغوى والنفسى، أوضح الباحث للمتلقى أسباب تفضيله الاعتماد على مدرسة العلاج بالمعنى، بدلا من مدرسة التحليل النفسى الفرويدى فى محاولته لقراءة شعر عنترة.
حيث إن الفرق الأساسى بين العلاج بالمعنى والتحليل النفسى، هو أن العلاج بالمعنى يعتبر الإنسان کائنا ينصب اهتمامه الرئيسى على تحقيق المعنى وتحقيق القيم، بدلا من أن يهتم بمجرد إرضاء أهوائه وإشباع غرائزه. وهذا أکثر اتفاقا مع طبيعة الشعر، ومع مهارات الشاعر التى تسمح له بالتعبير عن تساميه النفسى عبر إبداعه الفنى.