يهدف هذا البحث إلى دراسة إحدى الشخصيات الأسطورية التي يکتنفها الغموض ألا وهي الساتيروس Σάτυρος؛ وذلک لما لها من تداخل کبير بين عدد کبير من الکائنات الأسطورية الأخرى، وما يميزها من خصائص وطبيعة مختلفة، فضلًا عن ما يربطها بشکل مباشر بالمسرح الإغريقي القديم؛ لذلک وجدنا أنه من المناسب إلقاء الضوء على هذه الشخصية من خلال ماهيته، وأصل تسميته، وهل کان هذا الاسم يختص به کائن أسطوري بعينه أم کان صفة تطلق على مجموعات لها طبيعة خاصة، وما الأسباب التي دعت إلى ذلک، هذا بالإضافة إلى التعرض إلى طبيعته الثنائية ودلالتها، وظهور العادات الشهوانية الصريحة، وکذلک التعرف على الکيفية التي رأي بها الفنانون الساتيروس من خلال تعاملنا مع التصويرات الفنية؛ لکشف غموض علاقته بالشخصيات الأسطورية الأخرى. ولما کان هناک ارتباط وثيق بين الساتيروي Σάτυροi والسيلينوي Σειληνόi فکان الساتيروي أرواح في مرحلة الشباب، أما السيلينوي فهم أرواح في مرحلة الرجولة الکاملة أو الشيخوخة؛ فقد کان من الصعب الفصل بينهما؛ لذلک سيرصد البحث التشابهات والاختلافات بين الساتيروي والسيلينوي فنيًا لاستنتاج المعلومات التي لم تکن المصادر الأدبية ثرية بشأنها.
وقد خلص هذا البحث إلى أن الساتيروى کائنات ذات طبيعتين: طبيعة بشرية بوصفهم أبناء الأرض، وأخرى حيوانية متمثلة في هيئة الماعز، أو إبراز الهيئة الآدمية مع وجود ذيل الحصان، واختلفت الآراء حول دلالة ذلک أدبيًا وفنيًا، واستنتجنا أنهم αὐτόχθονeς ؛ أي أنهم السکان الأصليون وبالتالي هم أحد الأبطال الذين يمتد نسبهم إلى الربة الأرض. وقد تطرقنا – في هذا البحث- أيضَا إلى عادات الساتيروي وطقوسهم الشهوانية ولاحظنا أن مجتمع الساتيروي کان مجتمعًا متکاملًا به الذکور، والإناث، والأطفال الذين يتوارثون الصفات نفسها من أبائها، واتضح لنا أيضا أن کيان الأنثى لم يقل عن کيان الرجل بل أحيانًا يتفوق عليه – في بعض الأمور- مع تمتعهن بإثارة جنسية قوية وخصوبة عالية تمامًا مثل الذکور، من هنا لاحظنا أن کيان الساتيروي بشکل عام کان منصبًا على صفه الشهوة الجنسية أکثر من إبراز جنس (ذکر أم أنثى)، وکانت صفة الشهوانية هذه التي لحقت بهم ظاهرة في کل تصرفاتهم وأفعالهم وتعاملهم مع الغير إلى أن أصبحت من أهم ما يميزهم، وظهر ذلک فنيًا من خلال إبراز الفنانين للعضو الذکري القوي المنتصب بشکل صريح. وقد وجدنا کذلک أن کلا من سوفوکليس ويوريبيديس اعتمدا اعتمادًا کبيرًا في المسرحيات الساتيرية على شخصيتي الساتيروي والسيلينوى لبناء حبکة درامية مکتملة، ومادة فکاهية ناقدة للمجتمع من خلال تعليقاتهم ومزاحهم الساخر وعلاقاتهم بشخصيات المسرحية في إبراز للجانب الشهواني الجنسي من خلال الألفاظ - الخادشة للحياء والمبتذلة – والصورة، والملابس مع إبراز صفاتهم الأساسية بشکل کبير؛ مثل: الجبن، والثمالة الدائمة، والتقاعس عن العمل.