کان غزو المغول سبباً لهجرة الکثير من العلماء والتجار من أوطانهم؛ فراراً من القتل والبطش, والالتجاء إلى المناطق الأکثر أمناً في فارس, ولأن فارس وحکامها السلغريين قد دخلوا في طاعة الغزاة المغول, فقد حافظت فارس على سيادتها وأمنت شر المغول, وکانت المکان الآمن للفارين من وجه المغول,و کانت أوجه الحضارة في فارس موافقة لما کانت علية الحضارة في العهد السلجوقي والمغولي , التي کان أبرز معالمها طريقة ونوعية البناء, حيث تميز ذلک العصر ببناء القباب([i])على القبور, وإنشاء المزارات([ii]), وبناء المساجد, والمدارس, والبيمارستانات([iii]), وإلحاق الأربطة([iv])والأوقاف([v]) بها, کما تأثر أهل فارس ثقافياً بفکرة الصوفية([vi]) التي انتشرت مبادئها في العالم الإسلامي آنذاک من خلال الشعراء وعلماء الدين المتصوفين, ويتضح اهتمام أهل فارس بالناحية الاقتصادية ,حيث انتعشت الحياة الاقتصادية من خلال سعيهم للسيطرة على تجارة الخليج الغنية باللؤلؤ, بالإضافة إلى ما تتمتع به مدن فارس من غنى في محصولاتها الزراعية, وتفوق في الصناعة.
وتتمثل مشکلة الدراسة في التعريف بالنواحي الحضارية للدولة السلغرية في فارس وأثرها من حيث الناحية الاقتصادية والناحية العمرانية, والناحية العلمية, والناحية الاجتماعية, وتعتمد هذه الدراسة على منهج البحث التاريخي القائم على البحث والاستقصاء والنقد.
[i]) قبة : بناء مستدير مقوس مجوف يعقد بالآجر ونحوه : إبراهيم مصطفى وآخرون, المعجم الوسيط, (مکتبة الشروق الدولية: القاهرة, 2005), 709.
[ii]) المزارات: هي ما يزار من مقابر الأولياء: إبراهيم مصطفى وآخرون ,المعجم الوسيط, 407.
[iii]) البيمارستان: کلمة فارسية تعني دار المرضى وهي مکونه من کلمتين (بيمار)بمعنى مريض أو عليل و(ستان) وتعني مکان أو دار :احمد عيسى, تاريخ المارستان في الإسلام , ( الرائد العربي: بيروت, 1981), 4.
[iv]) الرباط :هو ملجأ الفقراء من الصوفية, وهو من المرابطة وملجأ الفقراء ,ورابط الرجل في المکان أقام فيه ولم يغادره ورابط مرابطة ورباطا لازم الثغر وموضع المخافة: : إبراهيم مصطفى واخرون, المعجم الوسيط , 323.
[v]) وقف الدار أي حبسها في سبيل الله ,ووقف الدار للمساکين: الرازي, مختار الصحاح, (مکتبة البيان : بيروت, 1989), 646. إبراهيم مصطفى واخرون, المعجم الوسيط, 1051.
[vi]) کلمة صوفي مشتقة من الصوف, فيقال تصوف الرجل إذا لبس الصوف, وکان لبس الصوف شعاراً للعباد والزهاد لأول نشأة الزهد, وهو علم ديني يختص بجانب الأخلاق والسلوک : أبو الوفا الغنيمي التفتازاني, مدخل إلى التصوف الإسلامي,(دار الثقافة للنشر والتوزيع: القاهرة, 1979), 21.