يتناول هذا البحث نماذج من الصحابة الفدائيون من الانصار، وهم يمثلون جيل الرسالة الاول، جيل خير القرون، الذين تخرجوا من مدرسة النبوة واسهموا في صنع تاريخ الامة الاسلامية والتمکين لدين الله تعالى، إذ کان لهؤلاء الصحابة (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ادوار فدائية قدموا فيها أروع الصور في التضحية والبطولة والفداء لنشر الدعوة الاسلامية عبر مهمات کلفوا بها من قبل الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وسلم)، والامثلة على ذلک کثيرة، إذ کلف أبو دجانة الانصاري (رضي الله عنه) بالدفاع عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في معرکة أحد عندما اندفع رجل من المشرکين هو عبدالله بن حميد بن زهير* نحو الرسول (صلى الله عليه وسلم) يريد قتله، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائلا (مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فأجابه أبو دجانة (رضي الله عنه) قائلا (لبيک يا رسول الله)، وقام يقاتل حتى انتهى الى عبدالله بن حميد بن زهير وقتله، وکلف أبي بن کعب الانصاري (رضي الله عنه) بالبحث عن سعد بن الربيع* بين قتلى معرکة أحد والسيوف مشرعة، وانتدب حبيب بن زيد الانصاري (رضي الله عنه) لحمل رسالة من الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) الى مسيلمة الکذاب* فقتله الکذاب صبرا، کما کلف عبدالله بن انيس الانصاري (رضي الله عنه) في قتل سيد يهود خيبر سلام بن أبي الحقيق، بعد ان قام بالتحريض لقتال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقام عبدالله بن أنيس الجهني الانصاري (رضي الله عنه) بمهمة فدائية سعى فيها لقتل رأس الکفر خالد بن سفيان الهذلي، بعد ان جمع القبائل العربية للزحف الى المدينة المنورة لقتال المسلمين فيها، فقتله عبدالله بن أنيس الجهني (رضي الله عنه) في وسط خيمته، وهو بين جموع اصحابه وعشيرته.
وتظهر أهمية هذه النخبة الطاهرة من الصحابة الکرام (رضوان الله عليهم أجمعين) من خلال ما قدموه من اسهامة في شق طريق الدعوة الاسلامية، ونشر نورها للعالم أجمع، وترسيخ مبادئها في القلوب والعقول عبر ما قدموه من تضحيات جسام نالوا عليها الثواب الجزيل من الله تعالى، والحب العظيم من رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم)، وتقدير المسلمين، والناس أجمعين، وأصبحوا نبراس الامة الاسلامية ومثالها الفذ في الاقدام والتضحية والفداء من أجل المبادئ والايمان بالعقيدة.