تمتعت المرأة المغربية بمکانة متميزة منذ عصور ما قبل التاريخ و خلال عصور القرطاجيين و الرومان و البيزنطيين . و قد أرجع علماء الأنثروبولوجيا أسباب ذلک إلى إسهاماتها في إنتاج المعاش ؛ فضلا عن دورها التقليدي في تدبير أمور الأسرة . و نحن نرجح أن تلک المکانة وثيقة الصلة بنمط الحياة القبلية الذي ساد طوال تلک العصور. و حسبنا الإشارة إلى دور المرأة السياسي و العسکري في مواجهة الغزاة و حتى الفاتحين العرب.
بديهي أن يتعاظم هذا الدور خلال العصور الإسلامية؛ حيث کفلت الشريعة الإسلامية حقوقا للمرأة لم تحظ بها من قبل . ناهيک عن انتشار مذاهب الخوارج و الشيعة و المعتزلة بين البربر قبل و إبان عصر الدول المستقلة في بلاد المغرب ؛ و هي مذاهب ثورية کانت بمثابة إيديولوجية لقوى المعارضة ضد الأمويين و العباسيين .
لإثبات ذلک قدمنا نصوصا مهمة عن دور المرأة السياسي و حتى العسکري في إمارات نکور و بورغواطة و بني مدرار و بني رستم و الأدارسة و الأغالبة ؛ کلها تؤکد هذا الدور سواء في توجيه سياسات أمراء تلک الدول في الداخل أو في العلاقات بين بعضها البعض . بل من نساء هذا العصر من أسهمن في تحقيق التعايش السلمي عن طريق " المصاهرات السياسية " , و منهن من کن سببا لاندلاع الحروب بين بعض تلک الإمارات . کما أثبت العرض دوراً لنساء البلاط في حيک المؤامرات و التجسس و تحويل الحکم لأبنائهن بطرق غير مشروعة. و لم نعدم من نساء بلاطات هذا العصر من کن سببا في إسقاط واحدة من تلک الإمارات ؛ و هي إمارة الرستميين .