المقاربة التي تطمح هذه الدراسة إلى إنجازها حول صورة الموت في الرواية الخليجية المعاصرة، مقاربة تعلن منذ البدء اختلافها عن المقاربات التحليلية التي تناولت صورة الموت في الأعمال الروائية العربية، وهو اختلاف ناتج من إيماننا بأن العمل الروائي يکشف خبايا المجتمع، ويکتب تاريخه الثقافي والاجتماعي، والفکري أيضًا.
وقد امتازت الرواية الخليجية عن غيرها بانبثاقها من التصور الإسلامي لحياة الناس، بالإضافة إلى ارتباطها بمجتمع محافظ،لم يتأثر کثيرًا بما تأثرت به معظم المجتمعات العربية الإسلامية من مؤثرات أجنبية، وأدى هذا إلى تعدد التجارب والمواضيع التي تناولتها- والتي کانت صورة الموت أميزها على الإطلاق- انطلاقا من الحقيقة القائلة بأن المتخيل الروائي هو حامل ثقافة المجتمع وقيمه.
ولذلک فإن السبب الرئيسي في توجهي نحو اختيار هذا الموضوع هو تفرد الروائيين الخليجيين في تعاطيهم أو تفکيرهم في أکثر المواضيع جدية وواقعية وتأثيرًا (الموت) عن غيرهم من الروائيين العرب , إذ تستحوذ هذه الصورة على کتاباتهم الروائية, فنشعر بضعفهم أمام سطوة الموت ,ونلمس ذعرهم في أثناء مواجهته لما يملکون من إيمانيات، تساعدهم على هزيمته، والتغلب على حتميته.
ويبرز بشکل تلقائي الهدف من هذه الدراسة إنه هدف مرتبط بمحاولة تلمس اضطرابات الروائي الخليجي أمام فقدانه الحياة الممتلئة بالضجيج والحرکة والطموح،ومواجهته للغياب الأبدي الذي حمل وشم حتميته الصارمة من صرخة الولادة, وتتبع رؤى وفضاءات هذه التجربة وصورها،التي هي حقول الحياة في عبورها الزمني السريع.