إن الحب والمعرفة جناحان يطير بهما السالک إلى الله تعالى، بهما يصل إلى حضرة الشهود والوجود والفناء، تربطهما علاقة جدلية فيؤثر کل منهما في الآخر، وبهما يکمل طريق المريد في الحياة الروحية؛ ولهذا جاء هذا البحث بيانًا لماهية الحب والمعرفة وأنواعهما والعلاقة بينهما، وهل المحب لا يکون عارفًا والعارف لا يکون محبًّا أم أن هذا محض أوهام؟ وکيف کانت علاقة الحب بالمعرفة عند کل من ابن الفارض وابن عربي؟ هل اتفقا أم اختلفا في رؤيتيهما لهما؟ ولقد استخدمنا منهجي الفينومينولوجيا والتأويل في دراسة هذه الجدلية. أسئلة عدة سنتوصل من خلالها إلى أن الحب والمعرفة وجهان لعملة واحدة، لا يفترقان، وأن ابن عربي صوفي غلبت معرفتُه محبتَه، وابن الفارض صوفي غلبت محبتُه معرفتَه، وسنعلم أننا ندرک الحقيقة الإلهية عن طريق أداة فوق الحس والعقل ألا وهي الروح أو القلب، فسنبحر معًا في حياة عرفانية سامية، ورحلة فکرية وجدانية تمتد من الخلق إلى الحق.